الرئيسية » حوارات » الكاتب السوري عمر الحمود:  المجاملات في الثقافة قاتلٌ صامت

الكاتب السوري عمر الحمود:  المجاملات في الثقافة قاتلٌ صامت

حوار: عبد الرزاق العبيو  |

عمر الحمود، أديب من مدينة الرقة السورية، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية القصة والرواية)، له عدد من الكتب المطبوعة في القصة والرواية، وفاز بعدد من الجوائز العربية في القصة والرواية، وشارك في عدد من الكتب الجماعية في القصة والرواية.

يرى القراءة زاداً لروحه، والكتابة غاوية مغوية، وتنازعه متطلّبات المعيشة أوقات القراءة والكتابة، ويحاول التوفيق بين كفتيهما، ونهر الفرات عشقه الأبدي، والرقة زهرة مدائنه، ولا يشعر بالطمأنينة والراحة إلا في ظلّ شجرة صفصاف فراتية، ويقول: العشق يأتي بكلّ جديد، وإنْ لم تعشق المكان فلن تنجح في الكتابة عنه، وإنْ لم تكن ابن البيئة، فلن تعرف خفاياها، وهذا ديدنه.

ولهذا اعتبره كثيرون كاتب بيئة بامتياز.

ويضيف: الرَّقة جارة النهر، ومن الماء يُخلق كلّ شيء حيّ، فلا غرابة إنْ امتلكت بيئة غنية، ونهضت فيها ممالك وحضارات، وكَثُرَ فيها الأدباء.

في الرَّقة التقيناه، وكان لنا معه هذا الحوار حول قضايا تهمّ الكتابة العربية.

ـ في يومنا هذا كُثُرَ إطلاق الألقاب الثقافية الكبيرة على من لا يستحقونها، ما تعليقك على ذلك؟

 مَن يُطلق هذه الألقاب لا يملك مؤهّلات الحكم على عملٍ أدبي لعدم امتلاكه لأدوات النقد وشروطه، أو لعدم التزامه الحيادية، فهو مزيّف يمدح زيّفاً، ونتيجة لهذا الأمر بتنا نسمع بفلان سيد الرواية، وعلان عبقري الشعر، وثالث ملك البيان، ورابع الأديب الكبير، وخامس الشاعر العظيم وغيره نبي البلاغة، وسادس نجم السرد مع أن كثيرين ممن أطلِقَتْ عليهم تلك الألقاب لم نسمع بهم!

لو كانت هذه الألقاب حقيقية لمَن تُطلَق عليهم لوصلت نصوصهم إلى مرتبة الكمال الإبداعي، ولا يوجد نصٌ خالٍ من العيوب سوى النص السماوي المنـزّل على الرسل!

ماذا أبقى هؤلاء  المتزلفون للشاعر المتنبي، ومحمود درويش، ونجيب محفوظ، والطيب صالح، وعبد الرحمن منيف والجواهري، وغيرهم من عمالقة الثقافة العربية؟!

قد يقول قائل: إنّنا نطلق الألقاب من باب التشجيع، أو هي انطباعاتٌ عابرة.

هذا تزويرٌ صارخ للحقيقة، وغش واضح للممدوح.

لسنا ضد التشجيع، لكنّنا ضدّ المجاملات التي تنفخ، وتحيط الأديب بالغرور الفارغ، وعند أيّ هزة، أو اختبار يتلاشى كفقاعة هواءٍ صغيرة.

 المجاملات في الثقافة قاتلٌ صامت، يفتك بضحيته ببطءٍ وهدوء.

ـ كيف ترى العلاقة بين المسؤول ( الموظف) في مؤسسات الثقافة العربية وبين الأديب؟

 يُفترَض أن يلعب المسؤول الثقافي في تلك المؤسسات دور الوسيط النزيه بين الأديب وبين الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى بين الأديب والمؤسسة الثقافية، وإنْ نظرنا إلى الواقع نجد عدداً من المسؤولين في الثقافة لم يلعبوا هذا الدور، ووضعوا أنفسهم أوصياء على الأديب، أو ندّاً غير شريف له، وارتدوا عباءة النابغة الذبياني النقدية، فيشطبون هذا الأديب، ويهمّشون ذاك، أو يغيبون آخر استناداً لعلاقات شخصية، أو أيدلوجية، ومن جهة أخرى يسيسون النشاط الثقافي لأهداف تخدم أجندة السياسي، ولا تخدم الثقافي، أو الصالح العام في البلد.

وبعضهم كوّن حوله بطانة لا علاقة لها بالأدب، لا من قريب، ولا من بعيد.

يبرز هذا حين يُعيّنُ هذا المسؤول الثقافي بقرارٍ سلطوي، أو توصية متنفّذٍ هو في وادٍ، والثقافة في وادٍ آخر.

كثيرون منهم يريدون أنْ  يتزلّف الأديب لهم، أو يتملّق  ليكسب رضاهم، وإنْ فعل الأديب هذا سيخسر نفسه وكرامته، ويخسر جمهوره، ويفقد بالتالي حسّه الأدبي.

ونتيجة لهذه الظاهرة تخسر المراكز الثقافية الجمهور والأدباء الحقيقين في الوقت نفسه.

الأديب ليس موظفاً عند السلطة، وعصر (أديب السلطان) انقضى، والأديب ضمير فوق المساومة، وهو ليس لاعب سيرك ليجيد الرقص على أكثر من حبل، ودوائر الثقافة ليست دوائر عادية، تقدّم خدماتٍ لا يستغني عنها الناس، ويسعون وراءها لنيل هذه الخدمات، دوائر الثقافة تحتاج إلى هامشٍ واسع من الحرية والحيادية والنزاهة لينجح عملها، وعليها استقطاب المثقفين كي لا تفقد وظيفتها الأساسية، وتغرق في الفساد.

ـ حين نعاين صفحات التواصل الاجتماعي نجد استسهالاً للكتابة إلى درجة (الهذر الكتابي)، ماذا تقول عن ذلك؟

عدد كبير استسهل الكتابة، ولم يقرأ سوى كلمتين، أو ثلاثة كما يقال، فرّخ هذا الاستسهال أشباه (أدباء)، ما يكتبه الواحد منهم لا يفيد القارئ، وقد يلوّث ذائقته، وخلال مدة قصيرة نجد أنّ هذا الشخص المتطفّل على الثقافة قد اعتلى المنابر، أو طبع كتباً على نفقته، أو استعان بغيره من أصحاب الأيدي الطويلة، وطبع على نفقة مؤسسةٍ ثقافية، ونال اسماً في (المجلات والصحف)، ودعاية في المحافل الثقافية، ولكن كتبه تظلّ حبيسة بيته، أو حبيسة مستودعات المؤسسة الناشرة، وإن قرأها قارئ خبير سيهجر المطالعة بسببها.

وهذا شأن كثير من مؤسسات تدعي الاهتمام بالثقافة!.

كثرة الكلام ثرثرةٌ لا تخلق أديباً، وكما قالت العرب: البلاغة في الإيجاز.

 فالنبي سليمان عليه السلام ملك العالم، وما فيه من إنسٍ وجنٍ بأربع كلمات: رب هبْ لي ملكاً.

ونوح عليه السلام أغرق الأرض بكلماتٍ أربع: اللهم إنّي مغلوبٌ فانتصرْ.

الكتابة موهبة وجهد، وإن لم يتوازنا فلن نحصل على نص إبداعي بمعنى الكلمة.

ورحم الله الشاعر العربي زهير بن أبي سلمى، وإخوانه من الشعراء القدامى أصحاب الحوليات الذين يُمضون حولاً كاملاً، وهم يشتغلون على قصيدةٍ واحدة، وكانت قوافيهم قلائد، وألفاظهم علائق.

الكثرة لا تجلب الشهرة، بل تُخفِض مستوى الجودة الإبداعية إلا ما ندر، وبعض الأدباء الكبار نالوا الشهرة بكتابٍ واحد ، ومنهم من طبع ديوانه في عمرٍ متأخّر كالأخطل الصغير وبدوي الجبل.

ــ يجنح بعض أدباءنا إلى تقليد الآخر، وعدم التحدّث بشخصيتهم الطبيعية، والإكثار من ذكر المصطلحات الأجنبية دون الحاجة إليها، والاتكاء على الأسماء الشهيرة، أو الاقتباس منها، فهل هذه الحالة ظاهرة صحية؟

 من يفعل هذا، وينبهر بالآخر دون وعي بالأنا العربية يعاني من شعورٍ بنقص الشخصية، ويريد إكمالها بهذه الطريقة، ولا يعلم بأنّ الطبيعة لها قوانينها، ولا يليق به إلا صوته الذي وهبه الله له، وحتى الغراب لا يتخلى عن صوته، واختلاف الأصوات حالة صحية وضرورية لتكامل المشهد الثقافي.

 من المعيب أن تكون بصوتٍ مستعار.

والتسلّق على أكتاف الأسماء الكبيرة بالكتابة عنها، أو محاباة أصحابها ليكتبوا عن نتاجه ( الأدبي ) عبر مقدّمة للنتاج، أو مقالٍ عابر في جريدةٍ غير مقروءة لا تخلق أديباً.

والاستشهاد بمقبوس لتلك الأسماء الكبيرة دون ذكر المصدر سرقة في عزّ النهار، وما أكثر عمليات النسخ، واللصق، والقص، والسطو على نتاج الآخرين، ونسبته لشخص لا يعرف عنه شيئاً في زمن الشابكة العنكبوتية وفضائها الأزرق.

ــ يزعم بعض الأدباء أنّ الجيل الحالي يعاني من أزمة نقد، ويقولون: نحن جيل بلا نقّاد. ما صحة هذا الزعم؟

العربي في طبيعته معجب بنفسه، ويرى فيها الكمال والجمال، وهذا أوقعه في مطباتٍ كبيرة، ولقد انحسر دور النقد في يومنا، وترك فراغاً ملأه من يدّعون النقد، ولا يعرفون من النقد سوى انطباعات عابرة، وبالتالي جعل أنصاف الموهوبين يظهرون كأدباء كبار، ونجد عدة ظواهر تلازم نقد اليوم لدى أغلبية النقّاد:

ـ القراءة الحرفية للنص، وتركيزها على الوجه الخارجي للنص، وعدم رؤيتها لوجوهه الداخلية، والهدف من ذلك تصيّد العثرات، وفي هذا ظلمٌ جَلي للكاتب وللنص، تقييم النص يحتاج إلى قراءةٍ عمودية تسبر أعماقه، وقراءةٍ أفقية تشمل مساحاته، وفي هذا التقاطع يخصّب الأدب .

على من يقرأ النص قراءة نقدية أن يبذل جهداً لفهم النص لايقلّ عن جهد الكاتب، وهنا يصبح القارىء مبدعاً آخر للنص, يحضرنا هنا قول الناقد وين هوث: ( لايحقّ لنا أن ننقد نصاً لم نبذلْ جهداً في قراءته، يوازي جهد المؤلف ).

ـ تطبيق معايير كلاسيكية ومناهج نقدية قديمة، ونصوص اليوم تحتاج إلى قراءةٍ جديدة، وخاصة النصوص التجريبية التي ضربت كلّ ما في ذخيرة النقّاد القدامى في مسائل متعددة كالتناص، والرمز، والصورة، والإيحاء، والتجنيس، والفصل بين الأجناس الأدبية.

ـ بعض النقّاد يتحاشون نقد الأسماء الكبيرة، أو يغمضون عيونهم عن أخطائها وهفواتها، ولو ارتكبت مجازر لغوية, وآخرون يبعدون عن نقد النصوص الرديئة إن كانت لأسماء معروفة، وإن اقتربوا منها يغمرونها بالمدح والثناء.

ـ البعض الآخر من النقّاد هم كتّاب شعر، أو سرد بالأساس، ويفتقرون إلى شروط الناقد وأدواته، ولا ترتفع قراءاتهم إلى مستوى النقد الحقيقي، فيتصيدون العثرات ، ويتناسون مناطق الجمال في النص.

ـ ثمّة نقاد لا يفصلون بين الكاتب والنص، ويتجاهلون عبارة ( موت المؤلف)، فيحاكمون الكاتب بديلاً عن محاكمة النص ( الخلط بين الكاتب والنص ).

ـ بعض النقاد يعتمدون النقد التجزيئي، أي يهتمون بجزء من النص دون غيره، يهتمون بالشكل على حساب المضمون، أو يدرسون المضمون، ويهملون الشكل، والنقد لا يتجزّأ.

أزعم أنّنا نفتقر إلى النقد الأكاديمي الممنهج و(خاصة في المشرق العربي الذي اشتغل على الموروث بينما اشتغل المغرب العربي على النقد ومدارسه الغربية)، إلى درجة جعلت بعضهم يزعم بأنّه لا توجد مدرسة نقدية عربية حتى الآن على الرغم من الكم الهائل من الدراسات النقدية.

ـ كثُر الحديث عن ظاهرة تكريم الأدباء، فماذا تقول عن التكريم؟

للأسف يتم تكريم الشخصيات الثقافية بعد وفاتها، إلا ما رحم ربي، ألا يعلمُ القائمون بالتكريم أنّ التكريم ظاهرة حضارية، والأمم المتطورة تكرّم مبدعيها، وتحتفي بهم، وهم على قيد الحياة ليكون المكرّم حاضراً لاحاضراً غائباً، وتوفّر الرعاية لهم ، وأنّ كلمة طيبة في حياة الكاتب، أو المثقف تعادل كتاباً بعد وفاته، وتعطيه بعض حقّه، وليس كلّه ، ووردة عطرة تقدّم له، ويشتم عبيرها خير من باقات ورد تكلل قبره ؟!.

التكريم بعد الوفاة تكريس للموت.

وإضافة إلى هذا يُكّرم أحياناً من لا يستحق التكريم.

ويغلب على التكريم احتفالية بسيطة، تكثر فيها الكلمات، وتقلّ فيها الأفعال، كلمة المسؤول الثقافي، وكلمة ممثل الوالي، وكلمة أصدقاء المكرّم، وكلمة أسرته وغيرها، وفي النهاية يتوّج التكريم بتقديم درعٍ من معدنٍ رخيص، وشهادةٍ كرتونية، ويظلّ المكرّم يتضوّر جوعاً، أو يحمل همّ طباعة نتاجه فوق همّه المعيشي، واقترحنا غير مرة أن يكون التكريم للمبدع أثناء حياته، ويرافق التكريم قراءة نقدية من مختصين لنتاجه، وطبع نتاجه، وتقديم مكافأة مالية مجزية، أو منح المكرّم تفريغاً سنوياً مأجوراً ليتفرّغ للكتابة، ويبدع أكثر ما فعلت دولٌ كثيرة، ويصاحب هذا إطلاق اسمه على شارع في المدينة، أو على مدرسة درسَ فيها، أو قاعة في مركز ثقافي يتردد عليه، وهذا أضعف الإيمان.

 ـ جرت العادة في مدننا العربية على تكريس أسماء بعينها، فما تأثير ذلك على بقية الأسماء؟

تأليه بعض الأسماء الثقافية يسيء لتلك الأسماء، ويسيء لغيرها، فهي خُلِقَت لتكون أسْوة حسنة يُقتدى بها، لا لتكون صنماً يُعبَد، ينطوي هذا التأليه على عقلية قبلية، أو نزعة إقصائية لغيره، وليست أدبية، وشتّان مابين الاثنتين، إضافة إلى أنّ هذا الفعل يسيء للبلد، فالبلد ليست عاقراً، وإن أنجبت القدامى ( المؤلّهين ) تنجب غيرهم ، فدورة الإبداع لاتقف عند اسم واحد مهما علا ومهما ارتفع.

القدامى أخذوا حقهم من الدراسات والأضواء، ولاينقص من قيمتهم توجيه الأنظار إلى أدباء عاشوا في الظلّ، ولا ذنب لهم سوى أنّهم ولدوا في زمن تلك الأسماء التي أُلّهَتْ لأسباب قد تكون أدبية أو بعيدة عن الأدب، والساحة الثقافية تتسع للجميع، وفي هذا إثراء وجمال لهذه الساحة.

ـ التناقض بين سلوك المثقف وتفكيره؟

ينتشر هذا بكثرة، وعلى سبيل المثال، فهو يدعو لتحرير المرأة، يقيم الدنيا، ولا يقعدها إن ظهرت ابنته بلا حجاب، أو خرجت عن تقاليد العشيرة لأنّه ذكوري في مجتمع ذكوري، لا تُنصَف فيه المرأة، ويدعو للمساواة بين البشر، ويتعالى على جمهوره، ويعامل غيره بفوقية، وإنْ وجدَ أحدهم هفوة في نصّه يغضب ويرى نفسه فريد زمانه، ويليق به البرج العاجي، أو المقام المذهّب، والناس حوله في برجٍ من خشب، فلا يهتم بآمالهم وآلامهم، وفي هذا مقتله، وابتعد عنه الجمهور، ولم يعد يتبع الشعراء حتى الغاوون.

المثقف والجمهور جناحا طائر الثقافة، وهذا الطائر لا يطير بجناحٍ واحد.

ـ ظاهرة الحنين المفرط إلى الماضي، ماذا تقول فيها؟

 نحن نملك إرثاً غنياً من الموروث، وبلدنا متحف للحضارات، وموسوعة معارف، ومع هذا علينا أن لانمجّد الماضي بسواده وبياضه، وكأننا أمام قوم وقفت حياتهم عند الماضي، ولانبض لهم في الحاضر أو المستقبل!.

لنغربل الماضي، ونأخذ حنطته، ونترك الزؤان، فهذا أنفع لنا.

ـ الإعلام ودوره في نشر الأدب؟

ننتظر من الإعلام نشر الأدب الإنساني الجميل، وفعل هذا في مواطن كثيرة حين كان مستقلاً وحيادياً، لكننا اليوم نجد خلاف ذلك في كثير من وسائل الإعلام، فتسوّق أسماء أدبية لقربها من مراكز القرار، وتعتّم على أخرى تستحق الظهور، فصار ( الشويعر ) شاعراً، والنكرة معرفة، والأخطر من هذا أنّ بعض وسائل الإعلام تسعى لتسليع الأدب والمتاجرة بجهد الأدباء.

ـ ما أثر ظاهرة (الشللية) في الساحة الثقافية؟

 لو كانت الشللية تسعى لتفعيل ثقافي، يبعد الركود عن الساحة الثقافية، فطوبى لها، أمّا ما نراه اليوم، وفي ظلّ غياب مؤسسات ثقافية فاعلة أنّ كلّ جماعة من المثقفين تركن في زاوية، تحت مسمىً معلَن، أو مضمر، وتشرّح الجماعة الأخرى، وتطعن بها في غير وجه حق، وكأنّها في ساحة عراك ثقافي، وليس في ساحة حراك ثقافي.

وفوق هذا تطبّل لأعمال أدبية تافهة لأنّ كاتب العمل منها، وتزمّر لآخر لأنّ كاتبه يناصرها، أو ينمّ لها.

ولا نعمم الأمر، فهناك بعض الجماعات الأدبية التي تحاول النهوض بالواقع الثقافي، وهذا حسْبها.

ـ ماهي رؤيتك للواقع الثقافي في مدينة الرقة اليوم؟

تألّق الأدب في الرقة قبل الأزمة، وخاصة فنّ القصة حتى سميت بــ (عاصمة القصة)، أمّا اليوم فقد تركت الأزمة فراغاً ثقافياً، لرحيل عددٌ من الأدباء، وهجرة الآخر، ولم يبقَ فيها سوى قلّة يصعُبُ عليها ملء هذا الفراغ، ونخشى أن يُملأ هذا الفراغ بالهشّ والهزيل، وتتعدد (الحارات الأدبية )، ولا تخلق حاضرة ثقافية، مثلما هي (حارات شعبية)، لم تشكّل مدينة حضارية بالمعنى الصحيح، وكما كانت عليه في تاريخها المزهر، وإنْ ظهرت أسماء فاعلة، فهي حالاتٌ فردية لا تشكّل ظاهرة ثقافية واضحة.

– ما هو دور المثقفين بتكريس التراث اللامادي للمنطقة والمحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة ؟

الأديب ابن بيئته وعليه ان يكون وفيا لتراث البيئة التي يعيش فيها ويستطيع الحفاظ على هذا التراث من خلال توظيف المفيد منه في كتاباته  وبالتالي يعطي صورة حسنة لهذا التراث وتلفت انظار الباحثين لهذا التراث وضرورة توثيقه والحفاظ عليه.

– بالعودة الى عمر الحمود كان لك الكثير من التجارب بكتابة القصة والكثير من التجارب المشتركة ماذا اضافت لك

هذه التجربة تكرس العمل الجماعي بالأدب وتخفف تكاليف طباعة وتسويق الكتاب ولفت انظار وسائل الاعلام لمثل هذه التجارب لكونها قليلة بمجتمعنا العربي وتمنح الاديب فرصة للاطلاع على نتاج الاخرين والاستفادة منه في تجارب لاحقة

في النهاية شكراً أستاذ عمر على هذه الصراحة في الأجوبة، ودمت بخير وإبداع.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن عبد الرزاق العبيو

Avatar

شاهد أيضاً

المترجم العراقي حسين نهابة: نترجم لنثبت أنّ هناك أدباء عرب ستصل أعمالهم الى جوائز عالمية

 حوار: مديحة جمال   | فازت رواية «أنصاف المجانين» للكاتبة السعودية شيماء الشريف بالجائزة الدولية للأدب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *