بشار إبراهيم |
فاز فيلم «بانتظار الخريف» للمخرج جود سعيد بجائزة أفضل سيناريو في «مهرجان وهران للفيلم العربي» 2016، وقبلها كان جود سعيد نفسه نال جائزة أفضل فيلم عربي في المسابقة الموازية في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» 2015. وشارك باسل الخطيب بفيلميه «مريم»، و«الأم»، وفاز بعدد من الجوائز، منها الجائزة الكبرى لأولهما في «مهرجان مسقط السينمائي» 2014. ولم يمرّ فيلم «الرابعة بتوقيت الفردوس» للمخرج محمد عبدالعزيز من دون نصيبه من التقدير والجوائز، ناهيك عن سلاف فواخرجي، وفيلمها «رسائل الكرز»، الذي وجد محلاً للتكريم أيضاً.
وإذا انتبهنا إلى المشاركات المتصاعدة لأفلام «المؤسسة العامة للسينما في سوريا»، بدءاً من مصر، التي سبق أن كرّس «مهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط» دورةً للاحتفاء بـ«الثورة السورية» وفنانيها ونجومها، منذ أعوام، قبل أن يتحوّل تماماً بإدارة الناقد الأمير أباظة، إلى درجة رأيناه عبر الشاشات في دمشق، مشاركاً في «مهرجان سينما الشباب»، وشاهدنا كيف تمّ تكريم الوفد السوري الرسمي، في الدورة الأخيرة من «الاسكندرية السينمائي»، المنعقدة في سبتمبر العام 2015.
وكذلك الشوط الذي قطعه «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» ما بين الامتناع عن عرض فيلم «العاشق» للمخرج عبداللطيف عبدالحميد في العام 2011، إلى منح جائزة لفيلم من بطولته في العام 2015..
أقول: إذا انتبهنا إلى المشاركات المتصاعدة، بدءاً من مصر إلى والجزائر، وعُمان، فالمغرب، والعراق، والسودان، ومن ثم سائر مهرجانات السينما العربية، في الوطن العربي وخارجه، اللهم باستثناء «مهرجان دبي السينمائي الدولي»… يمكن القول حينها: إن أفلام «المؤسسة العامة للسينما في سورية» تشهد عودة جماعية إلى مهرجانات السينما العربية، وإلى منصات التتويج، بعيداً عن التردّد والارتباك الذي وجدت بعض المهرجانات نفسها فيه، وكذلك بعيداً عن ضغوطات بعض السينمائيين السوريين التي مارسوها على هذا المهرجان أو ذاك، وإجباره على التراجع عن عرض أفلام «المؤسسة العامة للسينما في سوريا»، في برامجه أو مسابقاته، باعتبارها «أفلام نظام»!.
يبدو أن زمن «الرؤوس الحامية» ولّى!… وإلا كيف نفسّر هذا الصمت الشامل ممن أشعلوا الدنيا ضجيجاً قبل سنوات ضد، على الأقل، أحد أفضل أفلام السينما السورية خلال العقد الأخير من السنوات، وأحد أكثر الأفلام السورية نقديةً، ومقاربةً، وانتصاراً لفكرة «الشعب السوري الواحد»؟…
ما الذي تغيّر ما بين موسم السينما العربية في العام 2011، وموسم السينما العربية في العام 2016، ونحن على بوابة مشاركة شبه كاملة لأفلام «المؤسسة العامة للسينما» في مهرجانات السينما العربية؟
هل هبط المقاتلون من أعلى جبل أُحد؟
يعرف أدنى مهتم بالسينما السورية أن «المؤسسة العامة للسينما في سورية» حافظت على كيانها المؤسساتي والإداري، من دون أيّ تغيير يُذكر، ولم تعبأ بكل ما جرى منذ مارس 2011. وأنها مضت في سياساتها الإنتاجية على النحو المألوف، بل عمدت إلى زيادة وتيرة الإنتاج على مستوى الأفلام الاحترافية لمخرجين أمثال: عبداللطيف عبدالحميد، ونجدت أنزور، وجود سعيد، وغسان شميط، وباسل الخطيب… وعلى مستوى الأفلام القصيرة للشباب والهواة والطلبة.
تراكمٌ سينمائي جدير بالمشاهدة والنقد شكلاً ومضموناً، بخاصة أنه من إنتاج «مؤسسة» تتبع «وزارة ثقافة»، وبالتالي من المُفترض (سلفاً)، كما يزعم كثيرون، أنها أفلام تعتني بتقديم «الرواية الرسمية» لما يجري الآن وهنا. فهل هذا صحيح؟. الزعم بناءً على مشاهدات واسعة لكثير من هذه الأفلام، الطويلة والقصيرة، أن هذا الافتراض غير صحيح، باستثناءات محدودة طبعاً. ولكن الأصل في الموضوع أنه لم يكن الحجر على هذه الأفلام ومنعها من المشاركة في مهرجانات السينما العربية بسبب مضامينها ومقولاتها، ولا الفسح والسماح بعودتها في عودتها كذلك.
كانت محاولة للاستئصال وفشلت.
كاتب وناقد سينمائي فلسطيني | خاص موقع قلم رصاص