إن كنت صحفياً أو كاتباً أو شاعراً أو حتى إن كنت تسعى أن تكون، إياك أن تكتب ما تفكر فيه على صفحات التواصل الاجتماعي، أو أن ترد على أسئلة الفيسبوك السخيفة عن حالك وشعورك ودفء قلبك لأن هناك من يتربص بك ويتحين الفرصة المناسبة للانقضاض على صفحتك وسرقتك، سرقة حروفك وسرقة أفكارك وفي بعض الأحيان سرقة مشاعرك.
أصبح الإعلام اليوم بمختلف أشكاله يعتمد بشكل أساسي على نقل الأخبار والأفكار من صفحات التواصل الاجتماعي، يغلفها في بعض الأحيان بصيغ مختلفة مثل تقارير أو أخبار ينسبها إلى مصادر خاصة أو مطلعة، ولن يهتم في كثير من الأحيان إلى مدى مصداقيتها وحقيقة حدوثها، وتجد أن العاملين في مجال الإذاعة والتلفزيون لديهم نوعاً من أنواع النرجسية ورغم أنهم أصدقاء لك على صفحات التواصل الاجتماعي إلا أنهم لا يحضرون في صفحتك وذلك درءاً للشبهات، وبعكس الواقع الذي يقول: إن اللص يبقى يحوم في مكان الجريمة، فاللص الافتراضي أكثر حذراً فهو لا يثبت وجوده في صفحتك أو مروره عليها كي لا يُمسك متلبساً إنما يفعل فعلته ويمضي دون أن يشعر به أحد إلا أن تكشفه الصدفة.
تستطيع أن تجرب ذلك ليس الأمر بعسير، أعصر مخك قليلاً وألف خبراً حول “داعش” على سبيل المثال بما أن أخبارها هي الدارجة حالياً في مختلف وسائل الإعلام، ستجد خلال لحظات أن خبرك تم تناقله على مختلف الفضائيات والإذاعات والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي، ومعظم الذين ينقلون الخبر لن يتواصلوا معك ليسألونك عن مدى صحته، سيكتفون بالنقل فقط من أجل تحقيق السبق الصحفي لأن معظم الصحفيين الناقلين للخبر يرتدون بدلاتهم الرسمية ويجلسون في مكاتبهم بانتظار أن تنشر خبراً أو فكرة يقطفونها قبل أن يسبقهم أحد إليها.
هل فكرت يوماً كصحفي شاب بدأ يشق طريقه في هذا المجال أن تتواصل مع تلك القنوات وتحاول فتح مجالاً للتعاون معهم وتزويدهم بأخبار حصرية وكتابة بعض المقالات والأفكار لهم؟
أعلم أنك فعلت ذلك، لكنهم لم يردوا عليك أبداً حتى على رسائلك الإلكترونية لا يجيبون، وإن كان حظك جيداً ورد عليك أحدهم سيكون رده الاعتذار منك، أسباب كثيرة تمنعهم من التعاون معك، أهمها أنهم يحصلون منك على ما يريدون دون أي عناء أو مقابل مادي، فلماذا يدفعون ثمن المعلومة التي بوسعهم أن يحصلوا عليها مجاناً؟
الفكرة التي كتبتها أنت، والمعلومة التي حصلت عليها ونشرتها عبر صفحتك، لن يتجاوز عدد متابعيها لديك والمهتمين بها أصابع اليد، بينما تحظى في أماكن أخرى وصفحات أخرى باهتمام مئات المتابعين، قد يكون زمار الحي لا يُطرب سامعيه، لكن الأخ السارق أو الناسخ اللاصق كي لا نخدش شعوره يحصد على فكرته المسروقة وخبره “الملطوش” اهتماماً يجعله يصدق أنه فعل خرج بتلك الفكرة من بنات أفكاره ومن قراءاته العميقة ويؤمن عبر التعليقات التي ترده من الأصدقاء والصديقات أنه أصبح إعلامياً لا يشق له غبار، نعم إعلامي فهو لا يكتفي بلقب صحفي الذي ليس بتلك السهولة أن تحصل عليه إلا أنهم اليوم يحصلون عليه بلمح البصر وبطرق مختلفة أهمها النسخ واللصق الذي أصبح بحق ثقافة دارجة في إعلامنا السوري والعربي في كثير من الأحيان لذلك نرجع ونؤكد عليك: “دير بالك ع أفكارك وخبيهم منيح ولا تنثرهم عبر الصفحات الإلكترونية فاللصوص كثر”.
مجلة قلم رصاص الثقافية