حسان أحمد شكاط |
يقول الروائي الجزائري بشير مفتي عبر منشور على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي: “كان الروائي الطاهر وطار يقول أنظر ذلك الدكتور بدل أن يحضر نشاطات «الجاحظية» الثقافية يفضل أن يمضي أمسيته مع صديقه الحلاق ابن بلدته..لهذا لا تنجح النشاطات الثقافية..أهل الثقافة أنفسهم يخيبونها”.
و«الجاحظية» هي جمعية ثقافية أسسها الروائي الراحل الطاهر وطار كانت تقوم بمجهودات جبارة في خدمة الأدب والثقافة والفنون. مجهودات أكبر بكثير من تلك التي تقوم بها هيئة حكومية أو حتى دار ثقافة تابعة للدولة..فـ«الجاحظية» كانت تطبع الكتب وتقيم الندوات الأدبية والأمسيات الشعرية وتستضيف شخصيات بارزة من مثقفين وفنانين وإعلاميين..بل أكثر من ذلك فقد أسسست «الجاحظية» مجلة التبيين الأدبية والتي ظلت تصدر بانتظام.
كما أطلقت نفس الجمعية مسابقة مغاربية شهيرة وهي مسابقة «مفدي زكريا» للشعر التي استمرت لسنوات إلى أن وافت المنية الطاهر وطار فتوقف بعد رحيله كل شيء.
الغريب أن جمعية «الجاحظية» لا زالت تدّعي أنها تنشط بعد رحيل مؤسسها الأصلي..رغم أنها في الحقيقة تجمدت وتوقفت كل أنشطتها بعد أن تولى شؤون الجمعية أشخاص ليسوا أهلاً لتلك المهمة.
ويبدو جلياً أن المثقف الجزائري اليوم يعيش بمعزل عن الوسط الثقافي ولا يساهم في النهوض به لا من قريب أو من بعيد، وهذا الاعتكاف غير المبرر ساهم في تردي الواقع الثقافي في الجزائر، وتصدر أشخاص لا شأن لهم بالثقافة المشهد الثقافي، فأنا أعرف شخصياً بعض المثقفين ممن يعيشون بعيداً عن هذا الوسط كما لو أنهم لا ينتمون لما يُسمى «النخبة الثقافية»، فكاتب مسرحي يقضي وقته في ممارسة رياضة الكرات الحديدية، وشاعر يقضيه في المقاهي مع لعبة الدومينو، كما لا أنكر وجود بعض الحساسيات بين نخبة المثقفين..حساسية جعلت الكثيرين يقاطعون جل الندوات العلمية والثقافية.. قد تكون بسبب الغيرة وعدم الرضى..وتارة بذريعة عدم الإنصاف والتهميش.
وتراودني الحسرة حينما أفكر في تلك الندوات التي كان يقيمها الأديب الراحل صاحب نوبل للآداب نجيب محفوظ..تلك الندوات التي كان يحضرها العشرات من المثقفين المصريين والعرب وكم كانت غنية بمادتها الثقافية..وأين كانت تقام هذه الندوات..في مقهى ريش..أجل عبارة عن مقهى بسيط لازال يفتح أبوابه إلى يومنا هذا.
كاتب وروائي جزائري | خاص موقع قلم رصاص