الرئيسية » رصاص حي » من أجل هذا المقال اختطفوا الصحفية العراقية أفراح شوقي

من أجل هذا المقال اختطفوا الصحفية العراقية أفراح شوقي

أفراح شوقي   | 

استهتار السلاح في الحرم المدرسي!

ليس أبشع من حادث في بلد اسوأ من إهانة المعلم الذي “كاد أن يكون رسولا”. وليس هناك من سوء أكثر من استهتار حملة السلاح فيها. بالأمس تناقلت وكالات الأنباء خبر أصاب الجميع بالصدمة والحزن معاً لمديرة مدرسة في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار تعرضت للضرب من قبل أحد ضباط وزارة الداخلية، وهو أيضاً ولي أمر طالبة تعرضت للتدافع مع إحدى صديقاتها لكن هذا لم يرض الأب الثائر عندما داهم المدرسة وطالب المديرة بفصل الطالبة التي اعتدت على ابنته، أو إخراج ابنته من المدرسة ولما رفضت انهال عليها بالضرب والشتائم أمام طلبتها، وكانت النتيجة نقل المديرة الى المشفى لاصابتها بكدمات وانهيار نفسي حاد. مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت صور وجود الأب مع بعض أصدقائه وهم يرتدون الزي المدني ويحملون السلاح بشكل بارز أمام باحة المدرسة، في مشهد أقل مايوصف بأنه مشهد عصابات خارجة عن القانون بامتياز!

نشطاء وكروبات فاعلة أخرى أمعنوا في نشر الخبر وحصد التعليقات الرافضة له، لكن المشكلة أكبر من تداولها وحملات التأييد للمطالبة بمعاقبة ذلك الضابط الذي إن صحت الواقعة حيث لايزال التضارب بالاأباء يتواتر فإنه خروج عن كل الأعراف والقيم بمن فيها العشائرية التي تحولت هي الأخرى إلى سيف مسلط على رقبة القانون. إن المشكلة هنا تتعلق بمجاميع تتصور نفسها أكبر من القانون ويمكنها أن تفعل ما تريد وترسم لنفسها شكل الخروج من أي مأزق تتعرض له، بقوة السلاح حيناً والمنصب حيناً آخر والعشيرة والأحزاب والمسؤولين أحياناً أخرى! والنتيجة هو الاستهتار بأرواح الناس وتراجع هيبة الدولة وقوانينها وقدسية العلم والعمل أيضاً..

قضية مثل هذه وأقصد التعدي على مدرس في الحرم المدرسي، أو حتى الطبيب في المستشفى والعيادة ليست الأولى ولن تكون الاخيرة، ما دام هناك تأجيج للغة السلاح وإفلات المجرمين من أي رادع قانوني، وضياع هيبة الدولة التي نحاول جميعا التمسك بها باعتبارها آخر الخيارات للبقاء بكرامة.. بالقدر الذي تحفظ فيه الحكومات مكانة المرأة وقيمتها الحقيقية.
أين نحن اليوم من الوصف الذي أطلقه أمير الشعراء أحمد شوقي عندما شبه المعلم بالرسول وقال عنه في قصيده شهيرة يقول مطلعها..
قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ الـتبجيلا” ……” كـادَ الـمعلّمُ أن يـكونَ رسولا
لأعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي ” يـبني ويـنشئُ أنـفساً وعقولا؟

وها نحن في القرن الحادي والعشرين نقلل من قيمة المعلم ونحط من قدره إلى هذا الحد، لا أستطيع التخيل كيف ستتمكن تلك المديرة من معاودة نشاطها من جديد بعدما حصل أمام طلبتها؟، ربما كان صعباً لكنه ليس أصعب بالتأكيد من مهمة تصحيح مسارات الخطأ في التعامل مع المدرس ومنحه الحقوق التي يستحقها باعتباره قائداً للمجتمع وراسماً لعقول أجيال قادمة نتطلع أن تتولى بناء البلاد من جديد، والأكثر أهمية هو الشروع بتصحيح التوجهات الخاطئة والأفكار التي اجتاحت البعض بغلبة السلاح على لغة العدل والقانون، فعاثوا في الأرض فساداً بما يشتهون.

كل مايحصل هو ثمار ضياع هيبة الدولة أمام نفوذ الآخرين، وإذا أرادت الدولة أن تحفظ نفسها من التراجع عليها محاسبة كل من يستخدم السلاح في غير مكانه وبلا وجه قانوني، وإعادة هيبة المعلم والمدرسة باعتبارهما الأكثر قداسة بعد بيوت الله.

*************************

وقد اقتحم مجهولون يوم الاثنين الماضي منزل الصحفية أفراح شوقي بعد ساعات من نشرها المقال السابق على شبكة الانترنت، 

وقد أكد مصدر أمني اختطاف شوقي قائلا إن مسلحين ملثمين يستقلون 3 مركبات نوع بيك آب لا تحمل لوحات تسجيل ويرتدون ملابس مدنية اقتحموا ليلة الاثنين منزلها في منطقة السيدية جنوبي غرب بغداد.

وأضاف أن المسلحين اعتدوا على افراد اسرة شوقي وسرقوا مصوغات ذهبية وأموالا وسيارتها الخاصة واقتادوها الى جهة مجهولة.

وقال بيان صدر عن المكتب الصحفي لرئيس الوزراء العراقي تلقت البي بي سي نسخة منه إنه “وجه الأجهزة الامنية بالكشف الفوري عن ملابسات تعرض الصحفية افراح شوقي للاختطاف وبذل اقصى الجهود من اجل انقاذ حياتها والحفاظ على سلامتها، وملاحقة اية جهة يثبت تورطها بارتكاب هذه الجريمة واستهداف أمن المواطنين وترهيب الصحفيين”.

*************************

بدورنا نؤكد تضامننا مع الصحفية العراقية أفراح شوقي ومع المعلمة التي تم ضربها من قبل ضابط الأمن العراقي، وبناءً عليه أعدنا نشر المقالة مع ملابسات القضية وهذا أقل ما يمكن فعله دفاعاً عن حرية الصحافة والرأي.

موقع قلم رصاص الثقافي

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

“الطريق إلى المرمى” مجموعة قصصية للكاتب هاني الصبيحي

صدرت عن دار الخليج للنشر والتوزيع في العاصمة الأردنية عمان مجموعة قصصية للكاتب الأردني هاني …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *