عامر العبود |
يموتُ السجَّان
ويبقي السجن حياً!
يتنفس السعالَ والقملْ
يبصق خارج جدرانه كل رئة
الجدران دفاتر المساجين
والظهور دفاتر الجلادين
(2)
يموت السجَّان ألفَ مرَّة
ويبقى السجن حياً!
يشرب العويل بكأسٍ من الحريَّة
ويتقيأ الخوف في بحر من الشعارات
(3)
بعد أن يصبح الوطن أصغر من مساحة كتابة اسمه على ورقة سجائر
لن يكون هناك حصص من أي شيء!
(4)
خرائط للأرض
خرائط للسماء
خرائط للمراحيض
وخرائط للقبور
خرائط للطرق التي تدور حول نفسها كالذباب
وللمستقبل!
الإنسان وحده المنفي من كل الخرائط
(5)
الذي يشحذ الهمم
يشحذ الخناجر أيضاً!
ويخبئ في حنجرته ملايين الشتائم
(6)
كم صباحاً يخسر السجين
ليربح العرش رِجْلاً؟
كم يداً تترك البيوت المدمَّرة
لتعمِّر سوراً لمعتقل؟
كم بيتاً يغرق في الظلام
ليكهربوا أسوارهم؟
(7)
هناك خلف الجدار
من يبحث عن ثقبٍ صغير
ليتدفق الكون منه إلى عينيه
هناك خلف الجدار
من اكتشف النسبية قبل ميلاد آينشتاين
وسافر أكثر منه عبر الزمن.
(8)
خلف كل جدار في كل معتقل في العالم
بذرة شريرة!
من يخسر الحرية طويلاً
سينسى كيف يكتب اسمها
ستصبح مجرد حروف بلهاء
(9)
يموت السجَّان
فيكبر المعتقل
لأن سجَّاناً جديداً أراد أن يثبت ذاته أمام الجمهور
يموت الجمهور
ويبقى السجن حياً!
يعدُّ أضلاع الَّذين حفروا بعظامهم
خريطةً كبيرةً للإنسان على جدار الهزيمة.
كاتب سوري ـ الخرطوم | موقع قلم رصاص الثقافي