إن تعرية الواقع الثقافي وإسقاط هالة القداسة عنه تكاد تكون واجباً أخلاقياً في ظل الانتهاكات التي يدعمها ويكرسها مثقفون تبعاً لنزواتهم العابرة، ولفشلهم في الحياة الزوجية، لتجدهم دائمي البحث عن عشيقات يلهمنهم ويرافقنهم إلى المقاهي والحانات والمعارض والمسرحيات وما بقي من دور السينما، بينما يقتصر دور الزوجة على الطبخ والتنظيف والغسيل وتأمين احتياجات المنزل وتبديل الشراشف وتهوية الغرف من رائحة السجائر الرخيصة التي يدخنها المثقف المخضرم.
ليس جديداً في مجتمعنا استثمار الجسد لتحقيق الطموحات، إلا أن الأمر في السنوات الأخيرة زاد حتى بلغ حداً لا يُمكن السكوت عنه، خاصة في ظل ما ينتجه هذا الاستثمار من شخصيات مهزوزة لا تمتلك أدنى مقومات الثقافة والفكر، بل أن بعضها لم تقرأ كتاباً في حياتها، إنما ولجت الوسط كنوع من البريستيج العام ليس إلا.
أعرف فناناً يحتضن فتيات فاشلات لم ينجزن شيئاً، يرسم لهن لوحات معارضهن ويفضي ذلك إلى مضاجعة سريعة في المرسم الذي يرتش فيه لوحات عشيقاته الفنانات، وقد فعل ذلك أكثر من مرّة، كتبت الصحف عن فنانة رسم لها لوحاتها واحتفى بها الصحفيون أينما احتفاء حين افتتحت معرضها، بينما كان هو بين الحضور يشيد بالموهبة الجديدة التي اكتشفها، وشاعر يرتش قصائد شاعراته المراهقات ويجعلها هايكو ونايكو حتى تصدر ديوانها الأول ويصفق لها بحرارة وهي تلقي فيض مضاجعتهما فوق المنابر..
وصحفي يقنع إحداهن أنها خُلقت لتكون صحفية، ولا ينقصها لذلك سوى قلمه واحتضانه لتبدع وتصبح كاتبة في ثلاثة نطات، وبعد ذلك رأيت اسمها في الصحف ومقالاتها التي تمر من تحت سريره صار ثمنها يُدفع بالعملة الصعبة.
وأديب يروي لصديقته قصة ليلى والذئب لتخاف وتركض إلى حضنه وتكتمل الرواية كما رسم أحداثها، ويكون هو صاحب الظل الطويل..
أما أكثر المثقفين أناقة هو ذاك الذي بلغ من العمر ما يجعله يُفضل تحسس الأعضاء إلكترونياً بحذر شديد كي لا تتلوث الحروف بلعابه وبقايا سائله.
وكل ما يُفلت منهم وينتجه غيرهم ينعتونه بالنسوية.. وهم لولا حلمات النساء ما كانوا ولا صاروا..
ذاتهم الذين أرسل لهم أحياناً ويتجاهلون رسائلي أطلب من صديقات لي أن يرسلن لهم في الوقت ذاته وبينما تُرمى رسائلي بسلة المهملات، أسمع قهقهاتهم حين يقرصها من فخذها الأيسر..فتتأوه من لذة القصيدة.
لست أخفي أني صرت أشعر بالندم لأني خضت في هذا المجال واطلعت على أسراره وخفاياه، ليتني لم أفعل وظللت بعيداً أنظر إلى الهالة التي تحيط بهذا العالم بإعجاب وألا تسقط أمامي كل تلك القامات التي تتزاحم على صفحات النساء في الفيسبوك وتثبت حضورها وليست اللايكات سوى طعم يُرمى أمام السمكة، ولم أقل أنه جزرة!
مجلة قلم رصاص الثقافية