الرابعة والربع فجراً..
ألتقط كتاباً كثير الأفكار صعباً.. وبدل حكاية ما قبل النوم، أقص على رأسي أصعب القصص.. أريد له بقصدية تامة أن ينشغل عن أفكاره بأفكار أكثر تعقيداً.. كمن يلهي طفلاً عن لعبة يريدها بتعليمه الشطرنج..
أفتح عينيّ على وسعهما.. و مثل أعمى حديث الشفاء أحس أني قادرة على رؤية العالم ببعده الأوسع.. ولكن ليس على النوم..
الثالثة فجراً..
أنت تقول أن العيش مغامرة تعاش بحدودها القصوى ليلاً، ثم “يمحوها النهار” بعقلنته المقززة..
وأنا أقول أن المغامرة ليست ما نفعله بل ما يحدث لنا.. داخلنا.. وأن ليس ثمة مغامرة أكثر خطراً من فتح باب المشاعر، والقول لذواتنا الأكثر عمقاً “أحسي”.. هذا طريق ذهاب بلا إياب ومقود عجلاته ليس في يدك..
الثالثة والنصف فجراً..
أنا أعيش..
وأقول أن أفضل ما يمكن فعله بكوب قهوة هو جعله يبرد.. التهاءً عنه بالقبل..
وأنت كوب قهوة يبرد بانتظار اشتعالات مؤجلة..
تقول لي أنت جميلة..
أقول ستنكرني ثلاثاً قبل صياح الديك.. أعرف
الرابعة والنصف فجراً..
يقول الكتاب في يدي أن العناقات هي حيث نعطي ذواتنا كاملة وما عدا ذلك باطل..
الرابعة فجراً..
أنا أعانقك.. ليس فقط بذاتي الكاملة، بل بنقاط شعوري الأكثر عمقاً.. بقدرتي الهائلة على الحس.. بانتهاكي السافر للمسافات والحدود.. وبحسرتي إذ أريد للجسد البشري شكلاً أكثر تطوراً أكثر انسيابية.. أستطيع به أنا أعانقك أكثر من العناق، بحيث تلتغي الفواصل بين الجسدين وتنتفي ممرات الهواء.. بالدقة والاكتمال والتناسب الذي تدخل به قطعة بازل في قطعة بازل أخرى..
أبذل جهدي.. تظل عظامي قاصرة.. أبتعد قليلاً وأسعل..
تنتحب رئة العيش..
يصيح ديك المدينة الصغيرة..
وتنكرني أربعاً..
تتفوق على حدسي بواحدة..
الرابعة ظهراً..
أستيقظ متأخرة..
أو على وقتي أو مبكرة..
الساعات ما نراه فيها..
الباكر و المتأخر قناع للذي في وقته يحدث..
ألم واخز في جهة قلبي..
تتصارع رئتاي مع ضيق النفس.. ورأسي يضج بزخم المنام الأخير..
الرابعة والربع ظهراً..
أكتب هذا..
عينٌ على ساعتي.. عينٌ على الوقت..
العيش ظهيرة متأخرة.. أقول..
وتنكرني ديكته.. مراراً..
شاعرة سورية | خاص موقع قلم رصاص الثقافي