الرئيسية » مبراة » ليرة إبليس !

ليرة إبليس !

لعل بعضكم يذكرون جيداً قصة “ليرة إبليس” التي أوردها الدكتور والسيناريست السوري ممدوح حمادة في مسلسل “قانون ولكن”، تلك الليرة التي كان يضعها “إبليس”  كل ليلة في جيوب ناظم أبو الخل، أو في جيوبه. 

هذه القصة شهيرة، والغاية من وضع المال تحت الوسادة كما في القصة الأصلية أو  في جيوب الملابس كما ورد في المسلسل، معروفة.

أما مناسبة حديثي عن تلك القصة فهو اعتماد أغلب وسائل الإعلام العربية ذات التمويل المشبوه لذات الأسلوب، فمعظم وسائل الإعلام الممولة خليجياً أو عن طريق الإخوان المسلمين استقطبت الكتاب والأدباء العرب اليساريين عند انطلاقتها بالاعتماد على قصة ليرة إبليس.

في البداية يُتاح للكاتب كتابة مقالته وإرسالها إلى الجريدة أو الموقع الإلكتروني دون أي توجيه من أسرة التحرير، ويأخذ بعض الأريحية ومساحة معينة من الحرية  تمنحه إياها تلك الوسيلة لإيهام الكاتب أنه حر، ولا يخضع للرقيب، فتغري هذه الحرية المقنعة الكُتاب كما تغري الفخاخ الطيور الراغبة بالتحليق خارج القفص فتقع فيها دون أن تشعر.

تدفع هذه الوسائل الإعلامية للكُتاب، وتغريهم بالمبالغ المدفوعة حتى يعتادوا على مستوى معين من المعيشة، وهم يكتبون قناعاتهم بحرية  غير آبهين بأي شيء من حولهم، وبدل أن يشغلهم الهم العام يصير شغلهم الشاغل التماهي مع رغبات ونفس مموليهم وداعميهم مادياً.

تستغل تلك الوسائل اعتياد الكتاب على الأموال وتبدأ تطلب منهم أن يكتبوا مقالات حول مواضيع بعينها، وهكذا يجد الكاتب نفسه دون أن يشعر قد تورط، فهو من جهة ليس لديه أي منبر يمكن أن يستقبل مقالاته ويدفع له نفس المبلغ الذي اعتاد أن يتقاضاه من هذه الوسائل، وليس بوسعه الاستغناء عن هذا المبلغ الشهري لأنه يحتاجه وفق ما اعتاد عليه خلال سنوات عمله معهم.

يرفض بعض الكتاب أن يملي عليهم أحد ما يكتبونه، فتجدهم يتركون الكتابة في منبر ما إذا شعروا أنهم على وشك أن يقعوا بالفخ، وما أن يطلب منهم الكتابة عن أمور مخالفة لقناعاتهم يتركون العمل، بينما ينغمس آخرون عن قناعة أو من أجل المال ويتحولون بفعل ليرة إبليس إلى مرتزقة مرتهنين للمال الذي يُدفع لهم كما يُدفع لمرتزقة “بلاك ووتر” لجلد بلدانهم.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *