الرئيسية » رصاص ناعم » لن أتذكرك!.. ابتسمت
لوحة للفنان السوري نزار علي بدر

لن أتذكرك!.. ابتسمت

رؤى حمدان  |

وفي يومك..
قررت أن أشغَلَ نفسي بكل الأشياء إلا بالتفكير بذكراك..
كان يوماً مليئاً بالضحايا والقرارات والتصريحات والشكوى ونشرات الأخبار والدروس والامتحانات والمطر..
اعتقدت أني نجحت في مهمة الهرب من ذكراك، وعزيت حساسيتي لكل حرف أسمعه اليوم فيجعلني أنفجر كبركان بسبب ألم في المعدة لم يفارقني منذ ٢٩ يوماً، وبأني أعاني من تشنج القولون العصبي منذ سنوات.
٢٩ يوماً!!!!
يااااه ٢٩ يوماً مرُّوا على ذكرى حبنا السادسة (شو سريع هالزمن متل هالأيام كان عم يخليني حبو وأفرح بالتعليمة عالموبايل الصبح منو).. ابتسمت.
فقال ذاك الشاب المارّ قربي: (ماحرام هالحلو يبكي! )
– يبكي!!
تحسستُ وجنتي (شو غبي مو شايف هاد مطر).
– (ماحرام هالحلو يبكي!)

“ماحرام الحلو يبكي! ريتو يسلملي الزعلان العامل حالو مش سئلان” تلك كانت إحدى رسائله لي يوم قرر قطع إجازته والسفر لأمر طارئ.. ابتسمت.

– (ما نسيتك ما نسيتك وانته تدري حتى قلبي صار بيتك ما نسيتك).. أغنية جميلة.. آه إنه هاتفي الجوال يرن، الساعة الرابعة والربع تأخرت عن درس اللغة!!
تأخير ومطر لا يحتمل انتظار باص النقل الذي أستمتع بسماع قصص الناس من خلاله، نعم لا بد أن أحاديث اليوم مليئة بالحب، الحب الذي قررت أني لن أتذكره أو أتذكرك اليوم، نعم أقسم أني لن أفكر بك.. ابتسمت.
وقفت لأستقل “سيارة أجرة” وما أن أخبرته عن مكان وجهتي حتى ضحك وأشار بيساره أني أقف قبالة مكان نزولي.. ابتسمت.
ورحت أتحدث مع روحي ضاحكة خجلة من نفسي، وقلت في خلَدي: (عادي بيفكر أنا مو من هون).
(مو من هون!!)
من أنا؟ من هؤلاء؟ ما الذي جاء بي إلى هنا؟ أين مدينتي؟
يا الله!
كم كانت هذه المدينة حلمي الذي أرغب أن أعيش فيه بقربك لأتنفس وإياك ذات الهواء هنا.
هنا!
هنا مكان الدرس وتلك المدرّسة والزملاء الذين انتظروا قدومي لنبدأ الدرس معاً.
معاً!
كم تمنيت أن نكون معاً في هذا الجو الماطر الذي أكره والذي تحب.
لكن لابأس إنه يوم ممطر كئيب وعيد حب لا معنى له ونعم أقسم أني لن أتذكرك اليوم.. ابتسمت.
بدأ الدرس وانتهى. وأخيراً شارفت نهاية هذا اليوم الكئيب أن تنتهي.
راحت السيارة التي تقلُّني وزملائي بعبور الشوارع المليئة بالمطر الأحمر الذي تلون بألوان واجهات المحلات المحتفلة.
– (لو سمحت بدي أنزل بساحة الحب) صوت زميلي.
ساحة الحب!
نعم إنها ساحة بيته! سأرى شرفة غرفته! يا لسعادتي ويا لهديتي من الرب اليوم!
رحت أسرق النظر بطرف عيني لأرى شرفتهم الخالية من الروح بأنوار مطفأة.
ترى من يسكن هنا!
لا يهم، فروحه لا زالت في المكان، نعم تلك الشرفة التي لوحت لي بيدك منها ذات يوم عند عودتي من العمل. . ابتسمت.
روحك!!
ذات يوم قرأت أن الحب عدوى في هذا اليوم، تجتمع الطاقات النقية وتتحقق الأماني، فكيف سيكون هذا اليوم مع المطر الذي غسل السماء التي تعرف أين هي روحك الآن، تلك الروح التي ما فارقتني منذ أن عرفتك وحتى بعد رحيلها من دنياي إلى سماء أُخرى، تلك الروح النقية التي أحببت، تلك الروح التي تستحق كل الحب. في هذا اليوم المليء بالحب والنقاء لا بدَّ أن الدعوات تصل إلى السماء بسرعة، لذا سأستغل الحب وأدعو الله أن يثبت قلبي على نسيانك، خاصة اليوم، يوم الحب الذي كان خالياً منك ومن أي شيء يذكرني بك، نعم نجحت اليوم في قراري أني لن أتذكرك فأنا اليوم قوية، حتى أني خلال (الستين دقيقة) التي قضيتها أول أمس أحكي لصديقتي عن (لحظة) فراقنا لم أشعر بالحنين، فأنا قوية.. ابتسمت.
نعم نسيت، نسيت كل شيء إلّا أن أنساك.
كل عام وأنت جرح الحب.. ابتسمت.

١٤ شباط ٢٠١٩

إعلامية سورية | مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

رولا عبد الحميد تقول: إنها تجلس وحيدة في حضرة المحبوب

يقوم نص الرواية على حكاية حبَ بين حبيبين لا يلتقيان أبداَ، يدقَ قلبها، وتشعر بالاضطراب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *