مجلة قلم رصاص الثقافية رهان أخير على دور الفكر الحر والمسؤول في إعادة بناء الوعي واستعادة منظومة القيم، "على قلم وساق" من أجل ثقافة هدفها الإنسان.
عبد الباقي قربوعه |
والعهدة على مارك، أحبّته امرأة من خارج الوطن وأحبّها، لكنه راح يوصي نفسه بأن يكون عاقلا:
– حين يستسهل الواحد منّا إمكانية الزواج من امرأة ثانية، فهو يقصد سهولة الحصول على قلب وجسد.. حالة الحب ليست كافية لأقدم على هذه الورطة، لأن من دلالاتها البذل والعطاء، أو ما يصطلح عليه كل من الفقه والقانون بالإنفاق..
– (الرزق على ربّي).
– لم أطلب رأيك يا إبليس، هذا مجرّد اتكاء لتحقيق رغبة عاطفية وجنسية، أعرف أحدا عندما تزوج من الثانية علّق الأولى، وآخر عاد إلى الأولى وعلق الثانية.. وجارنا هجرت فراشه الأربعة جملة واحدة، فعلن ذلك عندما اكتشفن أن جيوبه فارغة إلا جيباً واحداً يخبئ فيه شيئا آخر غير النقود هه هه..
هدأ وعاد إلى رشده، ثم تراجع عن الزواج من الثانية لكنه تشبث بحبّها.. طأطأ رأسه في كلام خافت، ثم حملق في الجدار الشائك قبالته.
– البغاء حرام، والخوف من الله أقوى من شهوة جسد مصيره الدود والتراب..
– اصمت أيها الضمير الأحمق، فهذا المصير القبيح لا يليق بحبيبة القلب..
تركه العابرون يتحدث وحده، بعضهم أشاروا ناحيته على أنه مجنون جديد، وآخرون ممن سمعوا كلامه اعتبروه عاقلا، لأنهم تورطوا قبله، والبعض الآخر ممن دخلوا التجربة حديثا، جزموا بأنه سيفعلها لا محالة، أما صيادو الأجساد فقد ضحكوا عليه، أحدهم أقبل ناحيته وراح يعلمه فنون الخيانة.. لكنه زأر في وجهة زئير الأسد:
– من تريدني أن أخونها لدى الأخرى يا غبي، فأنا أحب الاثنتين، فإن كنت ولابد خائنا، فعلي أن أخون نفسي وأتحول إلى إنسان حجري، ثم أجمع بينهما في مغارة كهف بعيد..
معلم الفاحشة وقف باهتا، واحتار إبليس في أمرة.. انصرف من حوله الجميع وبقي وحده معلّقا، فلا هو بعاقل ولا بمجنون، ثم اكتفى بأنه حيّ يرزق عندما جاءه ابنه:
– قالت لك ماما (ارواح تعشّى وارقد).
كاتب جزائري | مجلة قلم رصاص الثقافية
