الرئيسية » رصاص خشن » السيد ذبابة..نص للروائي العراقي حسين رحيم

السيد ذبابة..نص للروائي العراقي حسين رحيم

حسين رحيم |hussain_rahim

منذ صغره …ابوه كان يقول بحزن: ـ هذا الولد  سيتحول يوماً ما إلى ذبابة ـ، وكانت مشكلة تعيشها عائلته بسببه ونظرات الناس إليه باستغراب ودهشة وأحياناً استهجان ونفور وهم يشاهدون شاباً في السادسة عشر نظيف البنية، وسيم . يسير وهو محاط بجيش من الذباب يدور حوله بأستمرار وكان أقرانه يسخرون منه والأطفال يغرقون في ضحك عميق وكبار السن يهزون رؤوسهم أسى..في يوم أخذه  أباه معه إلى مستشفى كبير واجتمع حوله أطباء كثر وعلماء بالحشرات والبيئة.

كانوا يدرسون هذا ألأمر جيداً..فحصوا بأجهزتهم كل ذبابة من جيش الذباب المرافق له..وحللوا لعابها على حدة وأجنحتها وأرجلها الخلفية والزبابة في رأسها…بعد أشهر من البحث والتحليل والنقاشات الطويلة توصلوا لنتيجة..إن الذباب  الذي يحوم حوله ويلاصقه ليل نهار كان نظيفاً جداً وخالياً من أي بكتيريا أو جراثيم وتحت قاعدة (ناقل الكفر ليس بكافر)  وهو يثبت براءة الذبابة لأنها ببساطة شديدة لا تختلف عن أية حشرة طيارة تنتقل من زهرة لزهرة وتنقل الرحيق وتلقحهن دون أن  يعنيها  ذلك أو تقصده، وكان أكثر عالم من فريق العلماء تحمساً لهذه النظرية شاب وسيم رأسه كبير وقريب الشبه من ذبابة التسي التسي الذي وقف على منصة الخطابة في مؤتمر مكافحة الأوبئة وألأفات وكان يصرخ بصوت كالنعيق …( والتاريخ يؤكد ان ضحايا الوشايات والنمائم والبصاصين والمخبرين والعيون والأستخبارات والتجسس على الآخرين  هي أكثر بكثير من الطاعون والتيفوئيد والكوليرا والسل التي تم القضاء على أغلبها وأصبحت من الماضي في الوقت الذي ما زالت آفة النفاق وداء الكذب ووباء الدسائس والتآمر والخيانة والعمالة تفتك بالبشرية بشكل أقوى واشد) لذلك تم تبرئة الذباب مما نُسب إليه من جرائم مخلة بالإنسانية..وتركوا الصبي يتجول لوحده سعيداً بذبابه والذي استيقظ في أحد الصباحات فوجد نفسه قد تحول إلى فراشة كما تنبأ أباه بحزن…ثم التقى بكريكوري سامسا يتيم السيد كافكا، وطارا معاً الى أمكنة جديدة على الذباب والصراصير .

روائي من العراق | خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

وحشية

١ ثمة ملاك، أو هذا ما نظنه لأنه يرتدي لباساً أبيض، ينشر حوله هالة نورانية، …