الرئيسية » نقار الخشب » كمال حميد… حين تصبح الموسيقى وطناً

كمال حميد… حين تصبح الموسيقى وطناً

ما زال يلاحقني صوته مذ سمعته أول مرة. هل من أحد يعرف كيف تثقب الأغنيات جدار العزلة، لنطلّ من ذلك الثقب على بيدر الذكريات؟ أنا أيضا لم أكن أعرف ذلك الشعور قبل أن تجمعني المصادفات بالفنان كمال حميد. فوجدتني أعود من (سوليدير) بيروت، مثقلاً بإرث لم تستطع روائع أم كلثوم، وبدائع محمد عبد الوهاب، وقدود صباح فخري، وصباحات فيروز، أن تحتل مكانه في ذاكرتي!! هذه ليست مفاضلة، ولا يمكن أن تكون. إنها ببساطة (رائحة الخبز في ملافع أمهاتنا) نبرة الحنان في دعائهن. كيف لي أن أتجاوز ذاتي، وأنسى العجاج الذي يمسح وجوهنا، كل يوم، وكأنه يقول: صباح الخير؟! الآن لم يعد ثمة من يمسح وجوهنا سوى الذل، وليس في جدار أيامنا ثقب لمفتاح، نتوسل به المستقبل بأحلام يقظتنا!! الآن كل النوافذ عمياء، الحرب وحدها تبصر أهدافها، وحنظلة مستقبلنا يدير لنا ظهره!! رغم ذلك بقي كمال حميد على عهده، وبقيت الأغنية الفراتية هاجسه، وبقيت ألحانها شغله الشاغل!!

فمن هو كمال حميد؟

الأستاذ كمال حميد ملحن ومغني وعضو في نقابة الفنانين السوريين؛ له أعمال في التلفزيون والمسرح والسينما أهمها إعداد وألحان أغاني مسلسل خان الحرير الجزء 2 التي غنتها الفنانة امل عرفة؛ وتلحين أغاني مسرحية الملك هو الملك للمسرحي الراحل سعد الله ونوس لصالح المسرح القومي بحلب إخراج فراس نعناع؛ وكذلك مسرحية درب الأحلام للمخرج مروان فنري لصالح اتحاد نقابات عمال ادلب، وكذلك تلحين أغاني فيلم سينمائي للمخرج هيثم حقي بعنوان التجلي الأخير لغيلان الدمشقي. وله ألبوم غنائي كلمات شعراء عرب وسوريين وألحانه. وعمل عازف عود مع كثير من المطربين العراقيين: ياس خضر، سعدون جابر، فؤاد سالم، صلاح عبد الغفور، حميد منصور، حسين نعمة، رضا الخياط، وغيرهم.

كمال حميد: مواليد 1964 القامشلي. عاش طفولته بالقامشلي وكان فيها وعيه الاساسي للموسيقا بالجزيرة. انتقل بعدها للرقة وعاش فيها عامين من طفولته؛ ثم انتقل لمدينة الطبقة وبقي فيها لنهاية السبعينات من القرن الماضي؛ بعدها ذهب إلى حلب. فدرس الموسيقا والغناء على يد أهم موسيقيي وملحني مدينة حلب. ومن ثم تفرغ لتوثيق القوالب الغنائية في وادي الفرات، قبل أن تعصف به الحرب، وينزح إلى الساحل السوري بحثا عن ملاذ آمن لأحلامه بتوثيق ذلك الإرث الفني.

إذ ما زال الخيال السوري يبتكر مبررات الحياة، فالمدن التي تجلس على أنقاضها يمكن أن تتحول إلى صورة شعرية، لا تحتاج كتابتها لأكثر من خيانة الحرب التي أنهكتنا. أو لوحة فنية، أو أغنية، وكمال حميد يعرف ذلك، لذلك تراه يبحث في مجازات اللغة عن تلك الكلمات التي تصنع فرقا في اللحن. فنان يقف على ناصية اليأس، يبحث من خلال خمسة أوتار عن طريقة فنية لتجاوز تلك القيامة التي قامت على رؤوسنا.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن إبراهيم الزيدي

إبراهيم الزيدي
شاعر وكاتب سوري، عضو اتحاد الكتاب العرب، كتب ونشر في العديد من الصحف والمواقع والمجلات السورية والعربية، صدر له في الشعر: كلمات بلون الحب ـ ثم ليلى، ورواية «حب تحت الأنقاض».

شاهد أيضاً

“السينما والتسامح” مهرجان تونس الدولي للفيلم الوثائقي

تنطلق الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي والدولي يوم الخامس عشر من الشهر الجاري ويستمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *