الرئيسية » مبراة » حكومة «تكنوضراط»..!!

حكومة «تكنوضراط»..!!

إن من أمنياتي التي لم تتحقق بعد أن أسمع خبراً هذا نصه: “قدم وزير كذا استقالته وذلك بسبب فشله في تحسين أداء وزارته وتقديم خدمات أفضل للمواطن”، أو “حُكم بالسجن على الوزير أو المسؤول فلان بعد إدانته بقضايا اختلاس وكسب غير مشروع”..أو….أو….أو…….
لعل هذه الأمنية مجنونة، لكنها أصبحت أقصى ما نتمناه في بلاد يحكمها ثلة من الفاسدين.

«لا يستطيع أحد ركوب ظهرك إلا إذا كنت منحنياً»، هذا ما قاله مارتن لوثر، وهو ما ينطبق على غالبية الشعب المستضعف الرازح تحت سياط أولاد الحكومة الشرعيين منهم واللقطاء، أما الشرعيون فهم المسؤولون في الحزب والدولة واللقطاء هم أبناء هؤلاء المسؤولون وزوجاتهم وبناتهم وسماسرتهم وقواديهم ممن أينعت رؤوسهم وهم يمتصون دماء الناس ولا يوجد من يقطفها ويريح الشعب الفقير منها.
لم يعد بالإمكان السكوت أكثر عن الأزمة التي يعيشها المواطن، ففي الوقت الذي يقضيه الناس بالتذمر من السياسات الحكومية الفاشلة والإجراءات غير المُجدية يغل المسؤولون على اختلاف درجاتهم ومواقعهم الأموال ويستملكون العقارات ويزيدون أملاكهم وثرواتهم فهذه الفرصة التي جاءت على طبق من ذهب لا يُمكن أن تتكرر أبداً، ولا شيء يُشبع بطونهم الفارغة وأفواههم الفاغرة فأغلبهم محدثو نعمة ناموا في أسرتهم واستفاقوا ووجدوا أنفسهم على الكراسي يجثمون فوق صدور المواطنين.
هل تعتقدون إن عمت الديمقراطية في بلادنا فجأة وأتيحت حرية التعبير للمواطنين، سيكون بإمكانهم التعبير عن امتعاضهم واحتجاجهم برشق الحكومة وأعضاء البرلمان بالبيض أو بالبندورة؟
بالتأكيد لا، لأنه لم يعد للمواطن قدرة على شراء البيض أو البندورة وإن حصل واشتراهما فأطفاله أولى بهما من الحكومة الفاسدة أكثر من البيض التركي الذي يتسلل عبر الحدود ويُباع في الأسواق.
إن الفرصة مؤاتية للسرقة الآن وحكوماتنا المتعاقبة هي «تكنوقراط» فقط في تمرير أكبر عدد من الصفقات والمناقصات على حساب قوت الناس، إنهم لا يوفرون حتى النثريات، فليس مهماً إن جاع المواطن المهم الآن هو زيادة الثروات، تعزز ذلك حالة الطمأنينة التي يشعر بها الوزراء والمحافظون في بلد يُخلد فيه المسؤول ويبقى في منصبه عقداً من الزمن على أقل تقدير دون محاسبة أو عقاب أو سؤال عما اكتسبه، وإن استمراره يتناسب طرداً مع قدرته على إرهاق المواطنين بقرارات ارتجالية ولجان وهمية وصفقات مشبوهة.
أما في مهمتها الأساسية التي أوجدت من أجلها فتجدها حكومة «تكنوضراط»، “عطرها لا يسد فساها” كما يقول المثل الشعبي.
وإن المُضحك المُبكي أن التغيير في حكوماتنا طويلة الأمد، دائماً ما يكون نحو الاسوأ وكأن من يقوم بترشيح الوزراء يعتمد على قصة الملك الذي كان يسرق كفن كل مواطن يموت في مملكته ثم يأمر بدفنه، وعندما مات الملك استلم السلطة ولي عهده وسمع أن الرعية تشتم أبيه على فعله بهم، فقال في نفسه لن أكون ابن أبي إن لم أجعلكم تترحمون عليه، وعلى الفور أمر بخوزقة الميت ثم نزع كفنه وسرقته فبدأ الناس يترحمون على الملك الأب ويقولون رحم الله الملك السابق كان يكتفي بسرقة الأكفان دون أن يخوزق الميت.
وهذه حال المواطن في بلادنا منذ الاستقلال حتى يومنا هذا كلما جاءت حكومة تضخم حجم الخازوق لتجعل المواطن يترحم على سابقتها.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …