غيّب الموت قبل ساعات المخرج السوري رياض شيا (السويداء1954- 2016)، في أحد مستشفيات باريس، بعد صراع طويل مع سرطان الحنجرة. كأن الصمت يلاحق سلوك هذا المخرج المتمرّد الذي كان يخزّن الصور في ذهنه أكثر من اعتنائه بالحكي، فهو يرى السينما صورة أولاً.
بهذه القناعة، أنجز فيلمه الروائي اليتيم «اللجاة» (1993)، مراهناً على المشهدية وحدها في بناء إيقاع شريطه المقتبس عن رواية «معراج الموت» لممدوح عزّام. الكاميرا الثابتة كانت تراقب حركة الوجوه والأيدي وصوت البازلت في الأعماق لتروي قصة هروب فتاة مع حبيبها قبل أن تواجه الموت في زريبة. لكن هذه المغامرة السينمائية لم تتكرّر، إذ منع الفيلم من العرض، استجابة لاعتراضات طائفته على محتوى فيلمه بذريعة انتهاكه التعاليم السريّة للطائفة وكشف طقوسها على العلن، فبقي رياض شيا أسير أحلامه لسنوات طويلة في تحقيق فيلم ثانٍ، أكثر جسارة وتجريبية، من دون أن يتمكّن من ذلك
لا نشك في أنه بلغ الدرجة القصوى من اليأس، وهو يرى المسافة تتضاءل نحو مقبرة الغرباء في باريس، طاوياً أحلامه المجهضة معه. سيذهب إلى عزلة أبدية تتيح له إمكانية التأمل، وربما سيلتقي معبوده السينمائي روبير بروسون، ليوضح أمامه أسباب شغفه بأفلامه، تلك التي كان يقول عنها «أيقونات بصريّة» لجهة كثافتها القصوى، وتوتّرها الداخلي، وإقرارها باليأس من العالم.
الأخبار اللبنانية