علي عبد الله سعيد | أشعل لك النار وأمضي، حذار أن تعرّض روحك للبرد أوالجحيم. كانون ليس جيدا للرواية، أو في الرواية، ما عدا النبيذ والجنس والدفء لا شيء لدينا كي نتعاطاه هنا. غير أن السأم يقتل الرغبة حتى في تعاطي الحشيش. دعني أتعاطى العزلة.. بطريقة مغايرة. أنت تدرب الحمام على الجنوح الى الرذيلة. بينما سأنحو في ذلك الى الطهرانية بالمطلق. أليس من حق العاهرة حسب توصيفاتكم العاهرة أن تنحو قبل الشيخوخة بكثير الى الطهرانية؟ وحيدة أشعل البخور في غرفتي يا سيدي، أستنشق الدخان الأبيض والرائحة الخضراء، التي لم يتثن لأحد أن استنشقها من قبل. استدعي بعضا من السادة الأقزام، بعضا من السادة العمالقة إلى سريري، دون أن أنبأ أحد عن أسراري. أسراري في التعويذة، في التحويقة التي على سرتي. النص بهذا المعنى جزمة ضيقة تؤلم الأصابع وتعجل قليلا في نتوء مسامير اللحم. لم يسبق لأحد أن كان ضيفا في سريري ياسيدي، كنت الضيفة في أسرّة الغرباء من الشرق إلى الغرب، من الشمال إلى الجنوب. في كثير من الأسرة كنت أرغب بالغناء لا بالجنس. كنت أبغي الدفء والصمت، لا الصراخ المفتعل، أو الضجيج المفتعل. ما عشت ليس لي سوى أن أناديك بـ.. ياسيدي، لن اتنكر لمعنى الكلام، لمداليله في الشغف، في العتم، في اللون، في الرائحة البيضاء كالفل، كالفانيلا أو كالكفن.. كالكفن تماماً. الشخصية لا يمكن أن تكون موثوقة أبداً، أبداً لا يمكن أن تكون خارج الكذب.. ما لم تكن أغنية. نستمرىء الكذب لا لشيء إلا لأننا كائنات ناقصة لا نمثل أنفسنا.. لا نجرؤعلى ذلك.. على تمثيل أنفسنا بأناقة باهرة. الحكاية أتفه من أن تذكر. إلا أن النقاد يجتمعون في تلك الزاوية، يهدرون جماجمهم عبثا في النميمة والهرطقة الأكاديمية المبتذلة، لابد أنهم يتكلمون من التابوت اللغوي, أوالنقدي إن شئت. الناقد كائن ميت حتى لو عاش ألف سنة، لن يبلغ سوى بضع معاني من النص. أحفظك مفردة.. مفردة قبل أن تنطق المفردة.. عن الشخصية العظيمة في ذاك النص المبتذل غير منتبهين إلى أنها عاشت في الماضي, وماتت في الماضي, وتجنسنت في الماضي, وبأن الروائي أجاد وأصاب وأخطأ.
وصولاً إليك.. قبل الوصول إليك.. سيراً على قدمي في ذاك الدرب من الفضاء الصقيع, أرمي بقفازي على الإسفلت, أنفخ على أصابعي اليابسة. استعيد تشكيل شعرك الطويل المليء بالفوضى والإثارة البلهاء. والبلهاءوالبراغيث المغرورة. أشكّل لغتك, أعيد تجديلها, تبويبها خارج الأبواب، تأليفها خارج التأليف. كانما هي لغة لا يبررها سوى تهتكها البريء، لغتك هي أنا، أنا هي لغتك في الحطام اللغوي على الورق. على الرمل إن شئت. ليس رغبة بالجنس آتيك يا سيدي، ليس رغبة بالنبيذ لارتكاب المزيد من الطيش والحماقات على كتف براريك وخرائبك. استر تفاصيلي.. تفاصيلي البهية.. تفاصيلي الحنظل..
استرني عورة برمتي..
خارج بربريتك الفضائحية..
يا سيدي
موقع قلم رصاص