حبيب أديب شحاذة |
الصحافة تكتب التاريخ بصيغة الحاضر ” البير كامو”
الصحيفة هي الصلاة العلمانية الصباحية للإنسان الحديث ” هيغل”
الصحيفة هي وسيلة إعلام أساسية جماهيرية يمكن إيصال الرسائل عبرها الى مجموعات كبيرة ومتنوعة, فالجمهور يشمل الجميع ابتداء من العامة الى صناع القرار في الحكومة, ويجب على الصحيفة أن تزود القارئ بالاخبار الداخلية والخارجية, وأن تقدم القدر الكافي من المعلومات حتى يستطيع الناس أن يكوّنوا رأيا سليما, وبذلك يستطيعون تحقيق الديمقراطية السلمية, وهذه هي مسألة الصحافة بذاتها, التي يقال إنها سلطة رابعة, وربما أصبحت السلطة الأولى, هي فعلاً سلطة أولى حيث أن الصحيفة تحول الرأي العام من اتجاه الى أخر معاكس تماماً.
لكن من يقرأ الصحف السورية اليومية يومياً, لا بد له من أن يصاب بالشيزوفرانيا, لأنها اعتادت تناول معظم مواضيع الشأن السوري بشكل غريب, سواء لناحية نقل الخبر أو تحريره أو تحليله أو التعبير عنه بصيغة المقال أو التقرير, ولأنها ما زالت تعيش عقلية الفكر الحزبي الذي يتنكر للواقع بشكل مرعب. فالصحيفة الواحدة تستنسخ الى ثلاث صحف, أي صحافة (3ب1).
ذلك لا يعني أن سورية بتاريخها العريق لم يكن لديها صحافة, بل دخلت الصحافة معترك الأحداث البارزة التي طبعت التاريخ السوري منذ عقود من الزمن بما فيها الثورة والاستقلال, فكانت هناك صحف اليمين واليسار, والصحف التقدمية والرجعية, والناقدة, التي لعبت دورها في تشكيل الرأي العام السوري, والدعوة الى التمسك بقضاياه الوطنية, على الرغم من اختلاف الظروف التاريخية( إغلاق – قيود…..) التي مرت بها الصحافة السورية.
بالتالي ما الذي يمنع الصحف السورية اليوم من التصدي لمشكلات الواقع السوري, كما تتصدى جريدة الأخبار اللبنانية مثلاً له, وبكافة تفاصيله السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدرامية, رغم وجود كادر بشري (مراسلين) وتغطية مالية للإعلام بشكل خاص حالياً؟
إذاً المشكلة تكمن في مواقع أخرى منها, التبعية, تبعية هذه الصحف الى مرجعية إدارية بيروقراطية يتداخل فيها العامل السياسي بالعامل الحزبي الذي يوجه الصحافة باتجاه أحادي إقصائي, أو الشح في المعلومات المسموح وصولها الى الصحافة, وبالتالي القيود المفروضة عليها, يضاف إليها غياب الحرية الإعلامية نتيجة غياب الديمقراطية, فالديمقراطية وحرية الصحافة لا ينفصلان.
النتيجة يجب أن تتخصص هذه الصحف كل منها في مجال محدد “ثقافية ,سياسية, خدمية, أفضل من بقائها ثلاث نسخ مكررة.
بالمحصلة هذه أسئلة مشروعة لنا كسوريين, و تحتاج الى إجابات شافية, ولا شك إذا كنا نريد صحفيين موهوبين وصحافة تتبوأ مركزها في عداد الصحافة العربية, فيجب علينا أن نكون في البداية مجرد صحفيين متدربين مثقفين, فالصحفي لا يٌصنع بقرار, والصحافة هي تفسير ما يجري, ما قد جرى وما سيجري.
خاص موقع قلم رصاص