الخطايا العشر
ها أنذا أفعل ما لا أريد وأتمنى مالايمكن
والخطايا الّتي أقترفها لاتعجبني، ولا تشبهني تماماً…
مزدحمٌ دون أن أمتلك القرار بذلك،
وكثيرٌ دون أن أجد في خزانتي قوارير كافية؛
لأملأها برسائل مقتضبة، رسائل متشابهة في احتمالات الوصول والخاتمة!
الخطيئة الأولى هي الأم وذلك الحبل السرّي الذي يربطك بالذاكرة، هي الصرخة المشتركة بينكما،هي الصدى الذي يجفّ كما تتلاشى المشيمة في رحم اليأس!
والخطيئة الثانية هي الحقيبة عندما تحملك خلف البحار مدفوعًا بوهم الحياة الأجمل والنساء الغريبات حينما لايسألنك عن اسمك، وحينما لا يعرفن الكثير عن اختلاطٍ في أنفاسكَ يشبه احتضار الروح فوق مائدة الجسد، ثمّ تستقيم …وتغادر!
والخطيئة الثالثة هي وجهكَ الذي يفقد سكّره ويصبح مرًّا وداكنًا ومخالفًا لذاتك، عندما تشرب نصفه وتترك النصف الآخر للذباب و لتجاهل الغرباء، وأنت في مكانك تلوّح للنظرات العابرة بنصف ابتسامة وجرحٍ في الجبين!
والخطيئة الرابعة هي الله؛ لأنك تحبه ولاتنتظر منه مقابلاً ولاتفكّر بماسيحدث لو أنّك امتعنت عن ذكر اسمه، لم تفكّر بالجنة ولاتعنيك كثيراً آيات الترغيب وزخرفة الحياة الدنيا وابتهالات الآخرين، ولايعنيك دعاء أمٌك أو شتيمة امرأة تركت في قلبها وجعًا برحيلك…
تحبّه لأنّك تحبه ولأنّ الأخطاء الفادحة في هذه الحياة تغريك بتجاهل القيامات المتوثّبة!
والخطيئة الخامسة هي اسمكَ ونصيبك منه، ونبر صوتكَ وخجلكَ الطفولي وانفعالك الريفي بمالايليق بنقر أصابعها على فنجان في مقهى صارخ الأنوثة!
والخطيئة السادسة هي “وشم البكار”، ذلك الذي لم ترسمه غجريّة على وجهك، عدم معرفتك بعرق “النوريّات” ساعة الرقص في قيظ الفرات، جهلك التّام بأسماء الأعشاب الضارة والفروق الشاسعة بين القمح والشعير في الأخضر وصوت الماء في يدك والريح في عباءة جدّك!
والخطيئة السابعة هي موتك الذي لن يجيء كاملاً بهيًّا، ستموت دون أن ترى شق الجيوب وقص الضفائر ولطم الخدود على خريفك الأخير، ودون أن تترجل عن فرسكَ لتعبر فيض نشيجهنّ بصمتٍ وسلام!
والثامنة هي ما تكتبه عن الوطن وأنت تضحك من هذه الكلمة، وتتمنى لو استطعت أن تعلن انشقاقك عنه أمام الشعب والحكومة والزعيم والعلم والنشيد الوطني وملوك الطوائف…
تمزّق هوياتك كما تمزق ورقة امتحان بعد أن تجيب عن الأسئلة كاملة، أن تكتب على الجدار:
“نموت نموت ويحيا الوطن”
ثمّ تبول عليه!
والخطيئة التاسعة هي أن أقتل ذبابة، أشيعها ثم أدفنها في أصيص زهورٍ موسمية ميّتة وأبكي فوقها، وأكفّر عن هذه الخطيئة بقطعة سكّر كشاهدة، ثمّ أمضي تاركًا لأخواتها تقاسم العزاء فوق نصف وجهي الداكن، بوجعٍ اسمه الخطايا التي لا تشبهني تمامًا
وبجرحٍ غائرٍ في الجبين!
شاعر سوري ـ الكويت | موقع قلم رصاص