الرئيسية » رصاص حي » سؤال البغل..!

سؤال البغل..!

حسين رحيم |

سُئلَ  البغل مرة…من أباك؟

أجاب بتردد:  خالي الحصان…رغم معرفته أن أباه مفخرة لعشيرة كل الأتانات والمطايا بدءاً من الجحش وصولاً إلى حمار جحا الحكيم.. ولست هنا بصدد تعداد فضائل وفوائد الحمار لبني البشر لأنها معروفة لأي حمّار (بشد الميم) أو فيلسوف  يحترم نفسه لكنني أقول إن من جملة اسقاطات الإنسان على الحيوان وصفه وتسميته بصفات إنسانية لا علاقة لها بهذه الكائنات الرائعة والبسيطة كالبسالة والشجاعة والكبرياء والخديعة والجبن والغيرة والوفاء، ونحن نفعل هذا دوماً وما زلنا مصرين على أن البغل يخجل من أباه الحمار لأن اسمه مرتبط بالغباء وهو بريء منها،  وأن الأسد ملك الغابة والثعلب محتال الغابة… ربما لوعرفت هذه الحيوانات ما نسميها به، والصفات التي نطلقها عليها لسقطت على قفاها ضحكاً…من أطلق على الأسد صفة الملك هذا الكائن الكسول, الاتكالي على اللبوة وهو بالكاد يحصل على ما يسد به جوعه وبالنهاية يموت شر ميتة، أين أخلاق الملوك من هذا (الأناني)..وهو يعرف ونحن نعرف أن الحيوانات سريعة وذكية في التخلص من المواقف الخطرة في عالم يسوده قانون البقاء للأقوى والأصلح… الحيوانات كائنات صادقة حد العظم لأنها لا تقبل أن تكون غير ماهي عليه.. هل رأيتم فيلاً يقلد مشية ابن آوى أم غراب يغرد كطائر الكناري..؟ لذلك فكل ما تفعله منطقي وله مبرراته..فقتالها الوحيد لأجل المكان أو لقانون البقاء للأقوى, هدفه تحسين النسل.. قتال الذكور فيما بينهم على الإناث دائماً ما ينسحب الخاسر منها  دونما حقد… وحتى الهجرة لها مبرراتها وأسبابها وأغلبها بحثاً عن وليس هرباً من كائنات منطقية ليس لها أحلام أو طموحات  كما في عالم الإنسان الذي يطلق جزافاً تسمية قانون الغاب حين يصف وحشية الإنسان… لكن ما يثير استغرابي  أن القرد الذي يعد أكثر الحيوانات قرباً للإنسان هو أكثرها عرضة للسخرية والتشبيهات المضحكة… أما الطيور فهم سادة السماء وهم دائماً في هجرات مستمرة أسراباً وجماعات بحثاً عن اعتدال المناخ أينما كان…تحركهم ساعاتهم البيولوجية العظيمة.. ومن مهازل علاقة الإنسان بالحيوان هي حدائق الحيوانات…تلك المستعمرات الإجبارية في إذلال كرامة هذا الكائن  ومحو هويته الحيوانية في الحياة وليتحول إلى مهزلة يتفرج عليه بنو البشر بوصفهم أفضل منه، من الإنسان، هذا الأمر وهو الذي وضع أحقر تسمية لهذا الكائن وهي (الحيوان) تلك الكلمة التي تعد إهانة لبني البشر في حين نجد أن القرآن الكريم قد منح تسميات لهذا الكائن أكثر احتراماً لها بوصفها (انعام)..وهناك ما هو اسوأ وهو السيرك الذي يخضع هذا الكائن الرائع لما يسمى بالترويض وتحويله إلى مسخ إنسان والقيام بحركات تحط من قدر هذه الكائنات لنفسها ومن جانب آخر يظهر بوصفه الكائن الوحيد الذي من حقه أن يكون الإنسان (السوبر) والذي تطيعه بقية الكائنات لما يريد هو…من حقه أن يستولي على أراضيها ويقتحم أمكنتها ومغاورها لكن ليس من حقه أن يقتحم أخلاقها ومسمياتها بما يشاء هو…لا بما شاء خالقها الله عز وجل….وينسى أنه من علم الحياة الحروب والدسائس والمؤامرات  وهو من أدخل في قاموس الحياة كلمات..الخيانة…النفاق…التدليس الجشع…التعذيب.

كاتب وروائي عراقي | موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

هل زعزعت وسائل التواصل مكانة الكتاب المقروء أم عززتها؟

صارت التكنولوجيا الجديدة ووسائل التواصل، تيك توك، يوتيوب، فيس بوك وغيرها مصدرا رئيسيا للمعلومات والأخبار …