الرئيسية » نقار الخشب » الهروب إلى التشويق في (دومينو) النهايات الوردية!

الهروب إلى التشويق في (دومينو) النهايات الوردية!

بيان عزالدين |

يزخر هذا الموسم بالكثير من الأعمال الدراميّة السوريّة التي امتازت بغناها وتنوعها على الصعيديّن الإنتاجي والفكري، لاسيما المعاصرة منها التي تحاكي قضايا المجتمع المحلي، تلك حافظت على استمراريتها كل عام وأصبحت تتطرق لمواضيع  شخصيّة  تكشف عوالم النفس البشرية، وغيرها  تحاكي القضايا السياسية وإنعكاسها على المجتمع السوري من فساد مؤسساته وحال العلاقات بين أفراده.

كثيرة هي الطروحات الدرامية الراصدة لهذه الحالات، والمواكبة لحياة المجتمع منذ بداية الأحداث، لكن وجد بعض صناع الدراما السورية في الحديث عن ذلك سلاحاً ذو حدين، من ناحية محاكاة الواقع، ومن ناحية أخرى دفع المنتج الفني الثمن ألا وهو عدم توزيع مسلسله على شاشات الفضائيات العربيّة حسب اختلاف وجهات النظر حول الأوضاع الراهنة.

لم يكن أمام أصحاب هذه الصنعة سوى خياران أحلاهما مرّ، وهما إما إنتاج أعمال درامية تحاكي الوجع المحلي السوري وتعرض أيضاَ على شاشات القنوات المحليّة، أو العودة في المخيلة إلى مرحلة ما قبل الأزمة السورية وإنتاج مسلسلات درامية تعكس لسان حال المجتمع السوري آنذاك لضمان انتشارها محليّاً وعربيّاً.

بالفعل هذا ما اختاره ثلة من الكتاب الدراميين وراحوا بأقلامهم يكتبون مسلسلات تنسج خيوط حكاياتها من الخيال أكثر مما تسقى من الواقع المعاش، خير مثال على ذلك  مسلسل التشويق البوليسي (دومينو) تأليف الثنائي غسان عقلة وبثينة عوض. إخراج فادي سليم،  إنتاج شركة فوكسر.

يندرج الطرح تحت إطار العمل الإجتماعي، إذ يحاول فضح فساد مؤسسات المجتمع خصوصاً رجال الأعمال وشركائهم من بعض رجال الدولة، إلى جانب تقديم صورة لبعض العلاقات العاطفية الفاشلة بين رجال ونساء المجتمع السوري، وتأثير المصلحة والشر على أحد طرفي هذه العلاقة، ربما اعتاد المشاهد السوري رؤيته في أعمال  سابقة.

لكن هنا تدور أحداث العمل “دومينو” على صراع الخير والشر بطريقة قاسية وخاتمة متوقعة، حيث نرى ششخصية رجل الأعمال الانتهازي “نوح علم الدين” التي يجسدها الفنان بسام كوسا، يفجع بهروب زوجته المفاجئ منه، وبحوزتها عدد من الوثائق المهنية التي تكشف حقائق فساد صفقاته الاقتصادية هو وشركائه من رجال دولة، اللذين لعب أحد أدوارهم هنا الفنان نجاح سفكوني، إضافة إلى رجال قانون كالمحامي الذي  يتخذ الطقوس الدينية  ستاراً  لمضمون تصرفاته المهنية الفاسدة، ولعب تلك الشخصية الفنان علي كريّم.

أما الخير ظهرت  ملامحه على  شخصية “لارا ” الفنانة سلافة معمار التي تهرب من زوجها مباغتة له بعد اكتشافها تصرفاته الإستغلالية والمتغطرسة، التي كان آخرها توريطة والدها لشريكه في مجال عمله بتقرير، يودي به إلى السجن، ليقضي بقية حياته هناك حتى وفاته.

 لا يصيب حجر المغامرة مع لارا، فأثناء سفرها للهروب خارج حدود البلاد تصطدم سيارتها مع سيارة  شاب نعلم لاحقاً أنه بطباع شريرة، يقوم  بسرقة حقيبة الوثائق منها تاركاً الصدفة ورائه لتنقذ حياتها وتودي بها إلى أحد غرف مشافي المدينة، هناك تقابل أحد ملائكة الرحمة  شخصية الدكتور”نبيل” التي يجسدها الفنان عبد المنعم عمايري. يسعى لإسعافها والوقوف بجانبها إلى أن تتعافى، ثم يقع بغرامها  الأمر الذي يؤدي لاحقا لتعريض حياته وحياة عائلته للخطر مقابل تصرفه لإحتواء حبها.

هكذا يتابع الشاب الشرير الممثل لشخصيته الفنان سامر إسماعيل هو موظف بنك يحلم دائماً بتحسين وضعه المعيشي  ويرى بالحقيبة السحرية فرصة لذلك، ينضم  لدائرة الصراع  منذ محاولته معرفة ما بداخلها من وثائق إلكترونية يستعين بصديقه المقرب الخبير التقني لفك رموز الوثائق عندها يحتدم الصراع معه لأنه لم يقتنع بطلبه الغريب، ويبدأ  بإثارة تساؤلات تثير غضب إسماعيل منه حتى  تسول له نفسه الشريرة قتله في منزله بدس جرعة من الحبوب المخدرة بكأس أحد المشروبات الروحية، هكذا بسرعة  يتخلص القاتل من مساعده البريء قاتلاً إياه بدم بارد، مكملاً  مسيرة استفزازه لأصحاب الوثائق.

ثلاثون حلقة من العمل تمضيها شخصياته على هذا المنوال من الصراعات القائمة فيما بينهم  على المستوى المهني المجسد بقضية الوثائق، يرافقه صراع المستوى الشخصي المجسد بعلاقات الحب والعشق وانكساراتها  أولهم رجل الأعمال حيث صنع لها قالب خاص عندما وازن بين تصرفات الرجل المتسلط الذي يستخدم أي وسيلة لصالح منافعه الشخصية وانكسارات العاشق الذي هجرته زوجته ولم يسعفه قلبه إذائها حتى بعدما ردها إلى مملكته.

بدى اتزان الفنان كوسا على عكس تصرفات غريمه إسماعيل الذي لم يتمكن من السيطرة على مشاعره حتى باتت ردود أفعاله في جميع المشاهد شبه واحدة سواء أ ثناء تفاوضه على الوثائق مع أصحابها، أو  خلال اعترافاته للمحقق الذي أتهمه بمقتل صديقه الخبير التقني بعدما فضح أمر الجريمة، وصولاً لنبرة  حديثه مع حبيبته الصحفية التي كانت ملاك خير آخر تسعى لاستيعاب حبيبها الشرير، اللامبالي للعلاقة ومساعدته.

 لكن مهما بلغت  تلك الصراعات ذروتها، لابد من إنهائها  وإسدال ستارة شارة نهاية  العمل  الدرامي فلم يكن من مؤلفي العمل سوى الحكم الفوري في الحلقة الأخيرة  على جميع الأشرار بالموت أو العقاب سجناً، وسنح الفرصة للأخيار للعيش حياتهم للنجاة ومتابعة حياتهم الطبيعية وكأن شيئاً لم يكن!

خاص موقع قلم رصاص

 

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

“السينما والتسامح” مهرجان تونس الدولي للفيلم الوثائقي

تنطلق الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي والدولي يوم الخامس عشر من الشهر الجاري ويستمر …