ماهر منصور |
يلعب الفنان باسم ياخور مع الخوف في مسلسلي “الندم” و”العراب2″، الخوف الذي يسكن عبدو، والخوف الذي نسيه قيصر، وفي الحالتين يعرف النجم السوري أن مشاعر الخوف يمكن ملاحظتها، وأن لغة الجسد تفشيها، وبمقدار ما عليه تحقيق الإيهام بمشاعر الشخصية، بمقدار ما عليه أن يضبط أدواته التمثيلية، ليحقق أكثر الاستجابات عمقاً تجاه شخصيته من قبل الجمهور، كونه يريد من هذا الأخير أن ينجذب إلى الشخصية لا إلى حرفيته في تجسيدها، وبذلك هو يتحاشى تدمير وحدة العرض في مسار شخصيته وسلوكها.
في “الندم” يقف عبدو ليلاً خلف باب بيته وأصبعه مشدودة على زناد المسدس بين يديه، وهو يسأل عن الطارق، لوهلة يعتقد المرء أن خوف عبدو سيزول مع اطمئنانه لصوت أخويه عروة وندى في الخارج، لكن الرجل يفتح الباب والخوف لم يزل يملأ عينيه والرعب يتركهما مفتوحتين على اتساعهما في حالة تحفز…من منا وقتها لم يتسرب خوف عبدو إلى قلبه، وهاله حجم الرعب في عينه..؟
عمق استجابتنا للخوف الماثل في عيني عبدو ، هو النجاح الحقيقي الذي كان يسعى إليه باسم ياخور، حين حرص على أن يجذبنا إلى شخصيته لنشعر بأنها من لحم ودم، لا أن ننجذب إلى حرفيته في تجسيدها ونتحسس عبر ها كيف قدم هذه الشخصية على نحو تبدو فيه من لحم ودم.
على نحو معاكس سيأخذ باسم ياخور شخصيته “قيصر” في مسلسل “العراب”…هذه الشخصية القاسية التي بدأت يتسرب إلى قلبها الحنان والرقة والحب تجاه عائلته ولاسيما زوجته، دون أن تغير تلك المشاعر شيئاً من ملامح القسوة في وجهه، ذلك لأنه يريد في لحظة ما من مسار شخصيته أن يزواج بين الشعورين في آن واحد، دون أن يستعيد أحدهما من ذاكرة المشاهد، وإنما يريدهما ماثلين أمامه ليؤديا الاستجابة العاطفية منهما على نحو عميق أيضاً، لذلك اختار باسم أن يظهر صدى ردود أفعال مشاعره العاطفية المستجدة على شخصيته عبر تغيرات في إشارات جسده وسلوكه، فيما حافظ على القسوة جاثمة في ملامح وجهه، وها هو مدفوعاً بمشاعره العاطفية تجاه أخته، وبقسوة قيصر الذي لا يعرف الخوف، يقتحم بيت خضر ليهاجمه بين رجاله. انتقاماً منه لاعتدائه على سوازن.
الاقتراح التمثيلي لشخصيتي “عبدو ” و” قيصر” من شأنهما أن يحددا الفارق بين الممثل المبدع والممثل العادي، فكلا الممثلين سيحققان استجابة عاطفية من قبل الجمهور، لكن الفارق بينهما سيبدو في عمق هذه الاستجابة التي تنطوي بطبيعة الحال على مستويات متعددة من الغريزة، فجذب الانتباه إلى حرفية الممثل، من شأنه أن يكسر الإيهام بين المتفرج والشخصية، وبالتالي سيلاقيه الجمهور باستجابة عاطفية بسيطة، فيما ستأخذنا الشخصية التي يبرزها الممثل على حساب إبراز حرفيته، نحو استجابات عميقة…سرعان ما سنخرج منها لنصفق للممثل لا للشخصية هذه المرة، وهذا ما نفعله اليوم حين نرفع القبعة لإبداع باسم ياخور في “الندم” و”العراب”، و نشيد بحرفيته في التمثيل.
صحافي ثقافي وناقد درامي / موقعه الشخصي