إيناس عبد الله |
الرواية السيئة، المخلوطة بتوابل من عقد الكاتب الشخصية، ومهاترات بيئته الزائفة والكثير من الفزلكة وادعاء الذكاء أثناء الكتابة، ستنتج أدبا مقروءاً وربما ناجحا، لكنها ستتحلل في ذهن القارئ كما جثة في قبر مجرد مخلفات وسوائل ورائحة بلا خلود!
الخروج من الجلد والهوية والزمن أثناء الكتابة هو سر النجاح، التعاقد مع لغة مميزة وذكية، ضخ مشاعر معقولة ومحاولة الكتابة بأعصاب باردة، وقلب ساخن هو ما سينتج روايات لائقة، حين تكتب ايزابيل الليندي عن الصين أو ليف شفق عن أمريكا أو أمين معلوف عن سمر قند دون أن يفقدوا بوصلة اجناسهم وأصولهم فهذا هو الابداع.. أما الكتابة العربية عن شخصيات الشارع والمقهى وعشيق الجارة فهو تكرار ممل للمحلية الباهته، العالم اليوم تحول من عالم صامت الى عالم تفاعلي وإذا ما لم نجدد نظرتنا المحدودة للغيتو العقائدي والإجتماعي الذي نحسبه كل العالم فلن نلحق بالركب، لم يعد العالم يرغب في ان يقرأ عن مدينة محرمة على الحرية فقط، دون أن تحاول هذه المدينة العربية مد جسور تواصل مع الغير، لا أحد يرغب في القراءة عن مجموعة من المصابين بالتوحد يحاولون بشتى الطرق سد المنافذ اليهم.. حتى أدبهم مجرد سد منافذ ….
أعتقد أن الكثير من الروايات العربية اليوم قد أدمنت هذه المركزية المقيتة كالروايات التي تتحدث عن فئة غير مرغوب بها أو تلك التي تتحدث عن الفلوكلور وكأنه المستقبل، تحضرني رواية الصيني ديه سيجي بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة، عن مأساة الشيوعية ومحاولاتها سلخ الصين عن العالم لكي يبقي الجنرال العجوز بسطاره على وجهها للابد، هذا بالضبط ما أتكلم عنه، إزاحة بسطار الجنرال عندما ننظر الى أفق آخر ونتفاعل معه، أتمنى في البوكر القادمة أن تفوز رواية لا تتعثر بالمحلية المملة، وأن نقرأ شيئا بعيداً عن كوارث إعجابنا بقدسية القطيع ومناقبه وسريته التامة! ليس من الضروري أن تسافر لتكتشف الأفاق في عالم يرمي لك بالصور والمشاهد من حول العالم كل دقيقة ولحظة وأنت ككاتب ما زلت ملتصقاً بحائط مدرستك الطيني بعيداً عن الخيال الذي يمكنك من الكتابة عن الحائط بالإضافة الى أمكنة أخرى، استعمل خيالك مستنداً للواقع ثم طر وأنت تعرف أنك لن تسقط إلا واقفا على قدميك!
روائية فلسطينية ـ دبي | خاص موقع قلم رصاص