إيناس العبد الله |
حالياً لا أشعر بـأي انتماء روحي أو عقائدي، أوعاطفي، أو حتى إنساني! كأن مخزوني البشري من الإحساس قد نفد، حسناً في أدبيات الفلسفة والدين وخزعبلات خطورة الفراغ الروحي، من المفترض أن يتجسد لي الشيطان مغرراً بي عارضاً علي بهلوانيات الغواية، ساحباً يدي الى عوالم الخطيئة الخطرة، لكن هذا ببساطة لم يحدث. أنا في مرحلة احتضار وجودي عارمة، بحيث حتى الشيطان المتمرس غير قادر على تغيير بوصلة قناعاتي التي تتبدد أمامه، الحياة محض فشل ممض طويل، والنجاح البسيط هو محطة دخلنا فيها نتيجة خطأ في التعليمات، سرعان ما نتسابق للخروج منها، سيأتي الواهمون ليحتجوا على هذا التشاؤم الذي لا يليق بمفكرة، لكنهم سرعان ما يكتشفون الكذبة التي ابتلعتنا طويلاً عن أن (الحياة جديرة بأن تعاش) محض كذبة وحسب ! الحلّ أن لا تقاوم أبداً، وأن لا تنحنِ للعاصفة لأنها ستركب على ظهرك للأبد! عزيزي الشيطان، لن أبيع روحي لأنه بالأساس ليس ملكي، بل استعارة حزينة لحياة مرت ولم تكترث بها الحياة.
الاستمرار بالنسبة لي هو محاولة فك أنياب المصيدة، لا أريد أن أحلم بعدها بالعالم الحر، الحلم أكبر مصائد البشرية!
سأمضي نهاراً آخر في الكتابة، في نحت تماثيل النار لحيوات لا تخصني، ونهاراً آخر في الرقص، فتحريك عضلاتي يتطلب أن تصدح موسيقى لمدة أطول، ونهار بعيد في النواح، وآخر في العبور من ألم إلى آخر، أجرّ خلفي جثة الماضي المعدمة بطلقة في الرأس، لولا الشوق، لدفنا الموتى سريعاً، أسرع مما يعتقدون!
لو لم تأتِ إلي الصدفة الصدئة، لكنت الآن أحلق بجناحين من فضة، أريد أن أمحو الوجوه من ذاكرتي، حتى تلك التي لا أجمل منها، الجمال مزعج أيضاً حين نشعر أننا لا يمكننا مقاومتة. وحين ينساب ضعفنا حوله ويجردنا من وقفة المارشال العسكري في طوباوية منقطعة النظير…
تعبت! محاولة لبس لقناع آخر، ترهقني أيتها الحياة!
روائية فلسطينية | خاص موقع قلم رصاص