يقف شاعر “مناضل”، فلسطيني، بشعره الأبيض على منابر المؤسسات الرسمية في سورية ليمدح مليشيات القائد وانجازات الحركة الإنقلابية – “التصحيحية”، بينما يجلس “مخرج مسرحي” محنط في نينار آرت كافيه، يحرك بوصلة المعارك “التطبيقية” لفحص الشاعرات كي يعلّمهنّ فن الإلقاء الشعري! في منزله، متذرعاً بضعف اللغة العربية لدى الشاعرات الجديدات بصورهنّ المحمّضة في مختبرات (PlayBoy)، حتى يتأهلن إلى ملتقاه “الثقافي” الذي يرعاه حزب معارض، تجميعه بعثي.
قرب بناء في دوار كفرسوسة الدمشقي، يناور صحفي بمقالاته ذات القالب والشكل المتكرران، لاصطياد استكتاب جديد بين جريدة الثورة “البعثية العامة” و جريدة النور “الشيوعية البكداشية” متجاوزاً الأيدولوجيات، فقط من أجل “الثقافة”، والأنكى أنه ينشر باسم زوجته مقالات قديمة مع تعديل طفيف و(شقلبة) رعوية عادة ما تثير انتباه “شاعرة جرمانا” الذي بات مصححاً لمسار قصائدها بعد هجائية كتبتها عن “الدكتاتورة” رئيسة التحرير التي نفت زميلها إلى ذاك البناء الأزرق العالي المقوس، ذاته الذي يقف قربه هذا الصحفي كل صباح منتظراً “باص الأمل” ربما ينقله إلى كورنيش الميدان، حيث مقر عمله القديم.
تلك لا تعتبر معاناة أمام ما تفعله إحداهن، حيث سبقت لقب “الصحفية” قبل اسم حسابها الشخصي في فيسبوك، حسابها، وليس صفحتها العامة، ثمة مرض في ذلك يا رفاق! عملياً ما يحدث في مخيلة هذه المرأة، إمّا أنها تجلس أمام المرآة كل يوم وتردد “أنا صحفية.. أنا صحفية.. يارب.. صرت صحفية.. رغم أنف الكلّ.. أنا.. صحفية”! أو أن أحدهم أقنعها بإضافة اللقب الذي قد يعتبر تقدماً مهنياً في “فسبكة” المهنة بعد انتهاك أصولها من أشاوس “الثقافة” المتبقية بين الصبغة الحكومية و ثقافة حفظ العناوين “الاشكالية”.
لم يكن ينقص مشاهد الانحطاط تلك إلا برلمان سورية الحالي، نصفه كان يعمل في مهنة “التمثيل” وذلك ما يليق بمجتمع تحكمه المليشيات الطائفية. تنظف مؤخرته، الشعارات الحزبية والعقائدية..! ولا زالت ظاهرة اختراع الأعلام “الوطنية” و الرموز التابعة لها، هي الشغل الشاغل لمن لم يدرك بعد أن كارثة سورية هي دخول الدين على كل شيء “بذكاء سياسي” وتشريع الثقافة من الكتب المقدسة التي تشرف على طباعتها أجهزة المخابرات وإدارات “الأخ الأكبر”.
هي أمثلة كثيرة جعلتنا ننشغل عن الثقافة بأشخاص بات لهم حضور على صفحات الخواء في مشهد الداخل السوري، مرة على شكل ملتقيات شعرية وأدبية سوف تنتج لاحقاً عداوات رغم شحّ المنجز الفردي بالمقارنة بين هذا الرأس و ذاك الرأس وكلاهما مسؤول في ذات الملتقى “الثقافي”! ومرة على هيئة نجوم فيديو وصور ومنشورات تقطر “عهراً” لبسط رأس الهرم! ولسان حالها يقول: ثقافتنا وكتبنا ووزاراتنا ومؤسساتنا ومجتمعنا، كل شيء يدب على الأرض، سوف يعمل كي تكون البهيمة الكبيرة “على حق”!..
مدير التحرير