الرئيسية » مبراة » سري للغاية!

سري للغاية!

وصل ظرف ورق مُرسل من القيادة القطرية لحزب البعث في العاصمة دمشق إلى المحافظات السورية، كان ممهوراً على قفاه باللون الأحمر بكلمتين “سري للغاية”.
ما أن حط المغلف على طاولة المسؤول في المحافظة حتى أقفل الباب على نفسه بثلاث طقات، وأمر المستخدم أن يبقى واقفاً أمام الباب منعاً لأي زائر طارئ قد يطرق الباب ويعطل المهمة القومية التي سيقوم بها الرفيق، فتح المغلف على عجل ويداه ترتعشان وكأنه مصاب بداء “باركنسون”.
بدأ يقرأ الكلمات بعناية والعرق يتصبب منه، بعض المفردات مكتوبة بالإنكليزية ناهيك عن ذلك هي مصطلحات علمية لا يعرف معناها، بعد أن تأكد من خلو البريد من أي توبيخ أرسل المستخدم ليجمع أعضاء القيادة الذين لبوا النداء على الفور. أقُفل المكتب مجدداً، وبعد ساعة من الزمن لم يتمكنوا من فك شيفرة المصطلحات بما فيهم الرفيق رئيس مكتب المعلوماتية الذي لا يجيد استخدام الحاسوب، وبعد أخذ ورد أرسلوا في طلب أمين المستودع الذي لم يحضر إلا بعد ساعة لأنه كان قد ذهب إلى السوق لشراء اللبن وبعض الخضار وحين عاد أخفى حاجياته ودخل عليهم ليترجم لهم ما في هذه البريد السري.
يوضح البريد أن القيادة القطرية اكتشفت أمراً خطيراً في نظام تشغيل الحواسيب ويندوز، وهذا الأمر هو دس الشمعدان اليهودي في رموز أحد برامج مايكروسوفت وتحديداً برنامج ال(word)، وإن مثل هذا الأمر يعتبر اختراقاً فكرياً سافراً لإيديولوجيا الجيل البعثي المقاوم.
أمر الرفيق المسؤول أمين المستودع بنبش الحواسيب والبحث عن صورة الشمعدان وإتلافها فوراً، وحذفها وحرقها وتمزيقها، استغل أمين المستودع الفرصة وطلب أمر مهمة وإذن سفر ليذهب ويتلف الصور في كافة حواسيب المقرات التابعة للقيادة.
هنا تذكرت القيادة أن هناك عشرات الحواسيب في مستودعاتها وقد طمرتها الأتربة والغبار وتعطلت دون أن يتمكن أحد من استخدامها والاستفادة منها، بل أن معظمها ما زال يعمل وفق نظام ويندوز 98 علماً أننا كنا في العام 2010، ورغم ذلك لم تكتشف القيادة القطرية بحكمتها أن جيل الشباب أصبح خارج منظوماتها منذ أن عجزت عن تأمين احتياجاته وتطوير أدواتها وأساليبها لاستقطابه وانشغال أفرادها في تأمين المكاسب، ولم تسقط عنهم ورقة التوت إلا بعد أن بدأ الجيل يشق طريقه في اتجاهات أخرى لم تتضح معالمها إلا حين كتب الأطفال على جدران المدارس الشعب يريد إسقاط النظام، بدل أن يكتبوا الشعب يريد إسقاط الشمعدان كما أراد لهم البعث أن يكونوا.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …