آخر المقالات
الرئيسية » ممحاة » “الثقافة المصروعة”

“الثقافة المصروعة”

حسناً، من يدير وزارة الثقافة في أي بلد على وجه الأرض؟ الجواب: وزير الثقافة..! يبدو جواباً اعتباطياً، لأن الوزراء عادة في الحكومات العربية هم عبارة عن “دمى” تحركها القيادة العسكرية الأمنية التي تحرك أيضاً الخطاب السياسي وتفرض على الشعب تبنيه بوصفه “خارطة طريق” دعونا نتجاوز قصص التحريك تلك، وننظر إلى أي وزارة ثقافة في الدول العربية، سوف نجد معظمها يصدر كتباً وندوات ومهرجانات وبيانات وفعاليات، كلها تقدس “الأب القائد” أو”أصحاب السمو” أو “فخامة الملك” أو “راعي الثقافة” أو “المثقف الأول”.. أي لقب من تلك الأسماء التي اخترعتها الشعوب المهزومة على مذابح النعي السياسي وتراتيل الدكتاتور الذي يبحث دائماً عن “الهناء المعيشي” و”الترف الفكري” من أجل المواطن!! ما الذي نقوله؟ هل نعبث بالمفردات ونخلط الأوراق كي يضيع المعنى ونمرر دبوساً هنا، ومسماراً هناك؟ بالتأكيد لن أفعلها، إذا لنقل بوضوح: هل وزارة الثقافة موجودة؟

شخصياً، لا أدري! ولكني أتخيل أنها على قيد الحياة السينمائية والمسرحية والتشكيلية والموسيقية..! وقد تكون مسؤولة عن مجموعة من المراكز الثقافية في المدن الكبيرة والمدن متوسطة الحجم، ولديها هيئات ثقافية مختصة بالكتب والمسرح والسينما وتعليم الفنون البصرية، وربما لديها مطبوعات “صحف” ثقافية، معرفية، تنشر “الوعي”. وإذا كانت متقدمة جداً، أظنها سوف تمتلك مكتبات وطنية عامة للتشجيع على القراءة، أمّا إذا كانت “اشتراكية” ستمتلك مكتبة “وطنية” واحدة و سوف تعتبرها “صرحاً” ثقافياً يحمل اسم تمثال وضع ضمن حرمها لكائن لم يقرأ إلا المنطلقات النظرية لحزب فاشستي.

رغم ضيق فهمي، وتواضعي الشديد بالاطلاع على الجانب “الثقافي” للمنجز الحكومي، فسوف أعتبر أن كلمة “رفيق” هي مفتاح الحل في هذه الوزارة المسكينة، حيث أتذكر أن نجماً ثقافياً كان مسؤولاً عن تحرير مجلة ملونة وفخمة ـ تكفي أجور طباعتها لنشر عشرات الكتب للأصوات الجديدة ـ رن هاتف مكتبه، من المتصل؟

معالي وزير الثقافة شخصياً..! يطلب أن ينشر لرفيق من شعبة المدينة نصاً “شعرياً” بمناسبة مرور ذكرى ولادة الحزب. لم يستطع النجم أن يرفض الطلب، ذلك أن “الرفاق هم من يقودون مسيرة الثقافة والريادة” حسب ما علق زميل آخر في ذات المكان.

إذاً الرفاق في كل مكان هم “عماد” المرحلة، من “عماد” الكهرباء إلى “عماد” مواجهة أفكار “التضليل الإعلامي الثقافي” وصولاً إلى “عامود” الضحايا الذين يذهبون من أجل أن تبقى الثقافة “مسكينة” توزع وظائف مؤسساتها على ذويهم، لأن تلك البلاد تعتبر وزارة الثقافة “تنفيعات” للأقارب والأصدقاء والفنانين تمنح لهم “خيراتها” المالية وصدقاتها وجوائزها لأن مواقفهم كانت “مشرّفة”! ثم من أجل ماذا كل هذا “العلاك” دعونا نردد الشعار ونبدأ هذا الاجتماع بسم “الاصلاحات الحكيمة” لمحركات الترهل المؤسساتي في وزارة الثقافة وبصوت واحد: “هذه البلاد لنا، ومن ليس تحت حذائنا، لن يكون له ثقافة” وكأنهم يوزعون “البونبون” على أطفال الحزب الذين تجاوزت أعمارهم ثلاثين عاماً من “التطوير والتحديث”!

مدير التحرير

عن عمر الشيخ

عمر الشيخ
شاعر وصحافي سوري. يعيش في قبرص. أصدر ثلاث كتب شعرية، وعمل في إعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية والتوثيقية في سورية. يكتب في الشؤون الثقافية لعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية العربية.

شاهد أيضاً

مع ستيفان زفايج

يبدو لي أن الكاتب النمساوي ستيفان زفايج هو الأكثر اهتماما بمتابعة خيبات الحب، وأثرها في …