مما لا شكَّ فيه أن الغالبية العظمى من الشباب السوري أبعد ما يكونوا عن الثقافة الحقيقية، وإن ما يتم تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية ليس سواء فتات العناوين وبعض المصطلحات التي يقومون بترديدها ببغائياّ لإيهام الآخر المتلقي أنهم مثقفون أو على درجة مُعينة من الثقافة، إلا أن ذلك يسقط عند أول اختبار، إن سألتهم عن عدد الكتب التي قرأوها ستجد أن الإجابة مُفجعة والحقيقة مؤلمة، إلا أن هذا الخواء الفكري والثقافي الذي أصبح سمة شبابنا البارزة ناتج أساساً عن حالة موت الحالة الثقافية ككل وانصياعها صاغرة بمؤسساتها الرسمية ومجتمعها الأهلي أمام هجمة العولمة الشرسة المدعومة بوسائل التواصل الاجتماعي.
في إحدى محاولات تحسين مستوى الشباب حاولت منظمة اتحاد شبيبة الثورة في سورية فتح علاقات على مستوى التمثيل الشبابي مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2007 فانعقد الملتقى الشبابي السوري الأمريكي الأول في سورية، وفي العام الذي يليه في الولايات المتحدة وهكذا دواليك حتى عام 2010.
كان الأمريكيون يجيدون دائماً فن القيادة لذلك أرسلوا شباباً وشابات مدربين جيداً ومستعدين لإدارة النقاشات وتوظيفها كما يريدون والحصول على المعلومات التي تهمهم، أما الشباب السوريين فيعتمد ترشيحهم بالدرجة الأولى لحضور مثل هذه الملتقيات على قوة الواسطة، ونادراً ما تُعلن منظمة اتحاد شبيبة الثورة عن فعاليات مكتب العلاقات الخارجية بل يتم تداولها سراً من أجل ترشيح الرفاق الموصى بهم، لذلك دائماً كانت وفود المنظمة الخارجية من أبناء الرفاق أنفسهم وبعض أقاربهم.
هي فرصة لا مثيل لها وكل رفيق سوري يراها من منظوره، إحدى الرفيقات وجدتها فرصة للزواج من أمريكي، وعملت جاهدة خلال أيام الملتقى على “تطبيق” شاب أمريكي ليكون لها في النهاية ما تريد وتتزوجه وترجع معه إلى الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه كان لدى الأمريكان أهدافاً مُغايرة تماماً، فأعضاء الوفد الشبابي الأمريكي كانوا يسألون الشباب السوريين أسئلة غريبة، عن الطوائف وعن نظرة أبناء كل محافظة للمحافظات الأخرى، عن العادات والتقاليد نقاط الاختلاف والالتقاء، ما الذي يمكن أن يسبب الحساسية بين السوريين، ماذا يهم الشباب السوري بالدرجة الأولى، تلك الأسئلة كانت تُطرح بجلسات حوار يديرها الأمريكان المدربون جيداً على ذلك وهم يتنقلون من محافظة إلى أخرى، من دمشق إلى تدمر إلى حماه إلى القنيطرة إلى حلب. ويرصدون بدقة كل شيء، وشبابنا تعتريهم الدهشة وهم يرون كيف ارتدى الأمريكيون الشماغ والعقال، وجهلهم بتاريخ لورانس العرب جعلهم يكتفون بالابتسام والتقاط الصور وإبداء الإعجاب بالوفد الذي عقد آخر ملتقى له في دمشق عام 2010، ثم زار معظم المشاركين فيه من الجانب الأمريكي الكيان الصهيوني في العام 2011، وضعوا خلالها كل ما توصلوا إليه من نتائج وأبحاث في سورية تحت تصرف الصهاينة، وهذا ما سهل المهمة لاحقاً.
بينما كان رد شهناز فاكوش عضو القيادة القطرية عن سؤال شاب أمريكي لماذا لا تفتحون الفيس بوك في بلدكم؟
“إننا نخشى على جيل الشباب لذلك نحصنه بحجب الفيسبوك”.
مجلة قلم رصاص الثقافية