مروة جردي |
– “يا إلهي كيف سأخرج من هنا يبدو أني تهت، فقد تشابهت الحارات والأزقة” …
ووسط بحثي عن مخرج تعثرت بقطعة نحاسية اتضح لي أنه فانوس قديم، فدفعته بقدمي إلى جانب الطريق لأتابع المسير غير أن صوتا من ورائي استوقفني صراخه :
-يا فتاة توقفي .
استدرت ببطء لأفاجئ برجل قد أطلق لحيته، يبدو في عقده الرابع كما خمنت، يرتدي جلبابا سماوي اللون، حافي القدمين مما أثار الشك والريبة في داخلي .
-لا ترمقيني بهذه النظرة فلست داعشيا لا تخافي .
-ياإلهي أنت تقرأ الأفكار.
نعم وأحقق الأماني أيضا، فلما تجاهلتي وجودي، ورميتي قم قمي جانبا.
-تقصد الفانوس.
-نعم.
-لماذا تصرخ في وجهي.
-لأنك بفعلتك أهنتي معشر المردة.
-ماذا ؟ حسنا أنا أعتذر….
-هههه وهل تظنين الأمر بهذه السهولة لأغفر لك إهانتك عليك أن تتمني 3 أمنيات لأحققها فأدعك تذهبين .
-وماذا تجني من ذلك؟
-إذا حققتها لك سأترفع في مهنتي لأصبح مارد في دولة من العالم الأول وأبتعد عن الشرق الأوسط –يا ألهي حتى المردة يحلمون بالسفر واللجوء.
-كفاك كلاما، وقولي بماذا تحلمين؟
إن كنت صادقا أخرجني من هنا فقد أضعت الطريق.
عندها طقطق أصابعه، وإذ بنا في المزة، فارتسمت على وجهي علامات الذهول التي أطلقت العنان لضحكاته واستطرد قائلا : ما أمنيتك الثانية ؟
-فطلبت منه الانتظار لأفكر بالأمر مليا هل تكون أمنية شخصية… لكن لي أو لعائلتي…. مادية أم معنوية؟؟!! حسنا مهما كان الشيء الذي أطلبه لن أستطيع التمتع به والانفجارات والموت يحومان حولي.
-رجاء أسرعي يبدو أن شكلي بدأ يثير حاجز على كيفك .
-نعم وجدتها :.. أريد نهاية الحرب بسوريا .
-” اطلبي ما في المستطاع لتطاعين” فأنت تنشدين ود المستحيل، فرغبتك هذه تستدعي اتحاد كل مارد في كل بقعة من العالم لتنفيذه وهو مايصعب تحقيقه فحتى في عالم الفوانيس يوجد انقسامات ومصالح ومفاوضات نووية وساعات تقنين.
-حاولي التفكير بشيء قابل للتنفيذ .
فحاولت التحايل لأحقق أمنيتي المستحيلة بتبديل العبارة ،فقلت له :
-حسنا تخلص من التشدد أينما كان وأي وجه ارتدى
فاسكب المحبة في قلوب الكارهين … والسلام لروح الخائفين … والخلاص للمعذبين
-بلا بلا بلا …. يابنتي لا يمكن التخلص من شيء ليس مادي كالفكر و المشاعر والمعتقد ،وهل أصبحت راهبة الآن ما بك؟
ساد صمت بيننا بعد كلماته، راهبة ماهذا التشبيه ؟ حسنا مروة فكري بشيء مادي يسعدك استفيدي من الفرصة…. فنطقت بأمنية جديدة :
-آلة تصوير سينمائية هذا ما أريده .
-لكن …
-ماذا؟؟!! أنه طلب سهل ومجرد وليس بمستحيل.
-نعم لكني أمر بضائقة مالية فابراهيم لينكولن لا يهبط حتى يصعد ضعفي المسافة وأنت أدرى.
-ماذا إذا سأطلب من مارد؟ .. طعام … شراب أم حذاء للعيد.
-أهنتي قومي مرة ثانية… فانتبهي لكلامك يا أنسة ؟
-هل تهددني، وبدأت بالصراخ ساعدوني …ساعدوني … إنه إرهابي.
عندها سمع الحاجز العسكري صوتي وهبوا لإنقاذي من شخص كل جوارحه ومظهره تدينه وقبل أن يمسكوا به تبخر بالهواء ولم يبق منه شيء سوى صوت تردد في رأسي يصرخ بـأحرف لم أعد أتذكر ما كانت ولكن ما زلت أشعر بمرارتها تحت لساني.
صحفية سورية | خاص موقع قلم رصاص