الأبوة المقتولة التي تفوح رائحتها من نصوص الشعراء الجدد، يبني عليها الصمت مجده الفولاذي الذي يمنع أصواتاً نقدية حقيقية تقارب لنا أهمية عشرات الأسماء “الشعرية” التي تملأ المشهد العربي، وفي الوقت الذي تتسابق منابر إعلامية ومؤسسات خيرية على كشف “الشعراء” النجوم في مساحات الشاشات الفضائية، تجد أصواتاً تعمل في الظل دون حسابات على فيسبوك أو لقاءات تلفزيونية أو حتى مشاركات بأراء حول الشعر، ربما لأنهم يعتقدون أن الشعر هو الشعر فقط، بلا تصنيف ودرجات وحصص واستثمارات سياسية وثقافية على حساب هويته الإنسانية لقول صور الجمال كلٌ حسب مخيلته دون انتظارٍ لجمهور أو شهرة.
ماذا لو ظهرت عوامل جدية تنذر الشعراء بهجران الصفحات الافتراضية والاتجاه إلى الورق حتى تبحث عنهم المنابر الإلكترونية والورقية والبصرية والسمعية…؟ لماذا لا يؤمنون أن الكتاب الورقي، المنجز بنمو تجربة حقيقية ومجتهدة إلى جانب توزيعه على الأصدقاء والقراء عن طريق دور النشر، هو كفيل بدفع لوثة الشهرة والانشغال بالضوء، عن عشرات الأصوات الهامة في الشعر العربي، بعيداً عن لعنة البحث عن قارئ، ثمة تاريخ أدبي في طريقه سوف يضع التجارب الخاصة والمؤثرة في مقدمة حضارته ولن يحصي عدد الإعجابات ومقالات المديح المجانية التي تكاد تغلق تنفس الحوار بين الشاعر والمحاكاة الصحفية لديوانه الصادر حديثاً.
لو تتلوث الكلمات بعريّ خصوصيتها وينتهي مهرجان التطبيل والتزمير لنستبدله بمفردة التذوق الشعري دون مكابرات التقديس والتمجيد، فالشعر لا يحتمل كل هذا التأويل والمعاجم الكيميائية لجذور اللغة، تلك التي يظن البعض أنها “بلاغة” و “استثناء”.
مدير التحرير