حبيب أديب شحاذة |
جملة من التغييرات حدثت مؤخراً في المؤسسات الإعلامية السورية بعد تشكيل الحكومة الأخيرة، شملت معظم المفاصل الإدارية والإعلامية، من تغيير مدير الأخبار في التلفزيون السوري الى تغيير مدير الأخبارية السورية ليصبح مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون, والذي بدوره قام بعدة تغييرات منها تغيير إدارة التلفزيون ومعظم مدراء الأقنية والإذاعات إلى تعميمه الأخير لقرار البصمة، أي دوام العاملين لمدة سبع ساعات يومياً وما أثاره من رودود فعل متباينة ومعترضة عليه.
وانطلاقاً من إيماننا بضرورة التغيير، ومن أنه “الثابت الوحيد في الحياة” فإن هذه التغييرات لم تكن بناءً على برامج عمل أو خطة عمل قدمها المدراء الجدد، ودليل ذلك أنه حتى كتابة هذه السطور لم نرَ على شاشاتنا أي برومو جديد لأي برنامج لا سياسي ولا اقتصادي ولا اجتماعي ولا حتى في مجال الطبخ.
تغّير المدراء ولم يتغير شيئ, آلية العمل نفسها، نفس المنهج، أي أن ما تغّير هو الطربوش فقط المؤدي إلى نفس النتائج.
ومما لاشك فيه أن بصمة سارة استدعت دخول رئيس الحكومة على الخط في اجتماع لمدة أربع ساعات ليستعرض من خلاله واقع الإعلام السوري بكافة مشاكله, وإن كان من المبكر الحكم على وعوده بالإصلاح, فإن الغوص في تفاصيل وواقع الإعلام السوري هي مسألة معقدة وشائكة بنفس الوقت لجهة تعدد الجهات الوصائية والمرجعية صاحبة القول الفصل في إصلاح الإعلام من عدمه، الأمر الذي انعكس سلباً على السرعة في نقل الحدث, وفي عدم القدرة على تحديد المهام والمسؤوليات بشكل دقيق، بالتالي عدم القدرة على التأثير في الرأي العام.
والجدير بالذكر أن قطاع الإعلام السوري ظل بعيداً عن الانتقاد أو المناقشة لسنوات، وتم تناوله برؤية خارجية تحاكي الظروف وتبتعد عن الموضوع مما عقد إمكانية إصلاحه فيما بعد، واليوم حتى نصل إلى إعلام سوري فاعل لابد من تنفيذ إصلاح بمسارين:
إصلاح إداري: عبر إعادة النظر في الكادر الكبير ( جيش من الموظفين) والذي يكفي لتشغيل عشر قنوات وإذاعات على الأقل، مما يتطلب دراسة حقيقية للموارد البشرية وتحديد الاحتياجات منها، وتحليل وتوصيف للوظائف حسب الشهادة والخبرة والمهنية، وتحديد دقيق للمسؤوليات والمهام والصلاحيات، أي تقسيم العمل الى إداري وإعلامي.
إصلاح إعلامي: بفصل الكوادر الاعلامية في القنوات السورية لخلق التنافس بينها, ولكي لا نكون أمام صورة واحدة في كل القنوات, ووضع خطة برامجية قصيرة مدتها ثلاثة أشهر وتقييمها باستمرار, فهذه الشاشة شاشة وطن وليس شاشة شخص أو أشخاص، وهذا الشيء الذي لم يستوعبه كثيرون ممن كانوا أو صاروا في أماكن صنع القرار، وهذا ما يجعل المواطن لا يثق بإعلامه أو بما يقدمه ذلك الإعلام على اختلاف أنواعه وأشكاله.
من هنا نصل إلى تغيير السياسة التحريرية للإعلام السوري التي تؤدي بدورها إلى تغيير الخطاب الإعلامي الحالي المنفصل عن الواقع والبعيد عن المهنية، ومنطقياً ليس من المعقول بعد كل ماحدث أن يبقى إعلامنا محكوم بالفعل ورد الفعل، وبدون استراتيجية إعلامية تحكمه وتنظم عمله.
خاص مجلة قلم رصاص