مرح صفوان |
عبر انطباعية خجولة وضربات لونية قلقة، يقترح عبد الله الحيمر وجوهاً من عبث الوقت ووحشة الكلمات، يستحضر ملامح المرأة في مجموعة لوحات وصلتني عبر معرض في النت، الأعمال التي تذهب نحو خطوط الحزن والرفض، تقرأ على المتلقي غضبها وسواد أقدارها تارةً، صرختها وأنين صمتها تارةً أخرى.
يتركنا عبد الله الحيمر أمام فلسفة فنية تذكرنا بعوالم “بيكاسو”، حيث اللغة الخاصة تسرد حكايات لنساء حملن في عيونهن، فوضى تكوينهن غير الطبيعية، ثمة تهجين في الجمال المعذب أمامنا، فالوجع أقرب ما يكون هنا لشخوص محاصرة في مرآة الكآبة، إنها صورة تراجيدية تعكس رغبة “الفنان” الذي يعمل كاتباً وباحثاً وشاعراً، رغبة بالوصول إلى عمق أنثوي يكمّل ما يحتويه عالمه من تفاصيل عن الفن والمرأة والوجوه الغريبة التي عبرت في حلم أو حزن أو قصيدة حكمت عليها محاكم الشرف الشرقية بالتحنيط حتى الأبد.
هو إذا تحريك حسّي قائم على تراكم إنساني جمّعه الفنان في محاولاته تلك، “وجوه الأسى النسويّ” عنوناً شعريّاً لأعمال تشكيلية، هناك نشاهد العيون الواسعة التي تقول الأمل على طريقتها، والشفاه المبتسمة، الهاربة للتو من الضحكات الصفراء، إنه يفسّر الأنثى ببدائية طفل “يخربش” ملامح الأمّ والرفيقة والعاشقة والأرملة والطفلة في وبطاقات لوجوه نساء بلا جسد.
تمتزج لدى تلك الوجوه أحاسيس الفراغ في مساحات مغلقة على أحجام متشابهة، توحدها مشاهد برية من عصور قديمة، كأن الوقت لم يمضي على تلك البورتريهات، ضاعت حكايتها في دوامة اللون وبرودة الخلفية التي ترجمها الفنان هنا إلى حياة متخيلة لموت متعدد بصفات أنثى.
صحفية سورية ـ كندا | خاص موقع قلم رصاص