حبيب أديب شحاذة |
تشغل السياسة والأحداث السياسية الراهنة الحيز الأكبر من حياة الناس وتؤثر في المجتمعات من حيث أنها تبحث في التناقضات القائمة. وتوجد في كل مكان توجد فيه مؤسسة أو سلطة. وهي تشكل هماً يومياً للناس يتصل بالجزئيات الصغيرة من هذا اليوم وبمستقبلهم ضمن البيئة التي يعيشون فيها.
تعّرف السياسة بأنها: فن الممكن.. وفن منع الناس من الاهتمام بما يعنيهم, بالتالي وسائل الإعلام تلعب الدور الأكبر في معرفة وتوجيه الرأي العام عبر التحليل السياسي الذي يعرّف بأنه: الطريقة التي نحكم بها على الظواهر والأحداث السياسية محلياً وإقليمياً ودولياً من خلال فهم الواقع السياسي للدولة وعلاقته بالسياسة الدولية عبر البحث في الاحتمالات المتوقعة لمسار الأحداث والتفاعلات بين القوى السياسية في المجتمع وذلك بتفسير علمي واضح لنوع العلاقات بين هذه القوى داخلياً وخارجياً.
لكن مع بداية الأحداث في المنطقة شاهدنا نوعاً مختلفاً من التحليل السياسي بدأت به القنوات السورية ومن في حكمها عبر استضافة أشخاص لا علاقة لهم لا بالسياسة ولا بالتحليل السياسي. شوهوا مفهوم ودور التحليل السياسي كونهم لا يمتلكون المؤهلات أو الخلفيات السياسية أو ليس لديهم القدرة والمهارة على التحليل السياسي. ذلك أن التحليل الناجح لا بد أن يكون مقنع ومنطقي معتمد على أسس وفن ومهارات التحليل التي تحترم عقل المشاهد.
في ظل هذا المشهد قام معظم المحللين السوريين باقتصار التحليل السياسي على شرح مجتزأ للأحداث. بينما التحليل السياسي يتطلب وينطلق من معرفة أسباب وخلفيات الحدث “ماذا حدث” وما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل للوصول إلى تشكيل رأي عام واعي يساهم في التخفيف وربما حل المشكلة أو الظاهرة سواء كانت سياسية. اقتصادية. اجتماعية. ثقافية.
وحين فشل معظم المحللين في التنبوء بوقوع الحدث السوري ” الأزمة”. فشلوا كذلك في التنبوء بمسار الأحداث. وكانت تنبوءات الكثير منهم غير واقعية ومنطلقة من تحليل عاطفي ايديولوجي مفصول عن الواقع كما حدث حين وقوع الانقلاب التركي. وفي أحيان إخرى مؤججة ومحرضة للرأي العام. وهذا الكلام ينسحب على أغلب محللي السياسة السورية المؤيدين والمعارضين.
بالنتيجة ربما كل هؤلاء تناسوا أو نسيوا أن التحليل السياسي يجب أن يقدم إجابة واضحة عن سؤالين:
ماذا حدث؟ أي أن أي حدث يخضع للتحليل السياسي لابد من العودة به الى جذوره التاريخية وعدم اقتصاره على صورته الراهنة أو وقائعه الأخيرة.
لماذا حدث؟ أي الدوافع والأسباب والتي ربما لا تكون ظاهرة ولا يعرّفها إلا المختصين بالتحليل السياسي.
وهنا يكمن دور المحلل السياسي الناجح الممتلك لأليات وأدوات التحليل السياسي.
والخلاصة: في الغرب معظم محللي السياسات يكون لهم خبرة عملية سابقة قبل الانتقال الى العمل البحثي في مجال معين، كضباط استخبارات سابقين، أو سفراء في دول مهمة، وربما عسكريين وأكاديميين من أفضل الجامعات، مثل مركز التوقعات الاستراتيجية ( استراتفورد). مجلس العلاقات الخارجية، الايكونيميست، فورين بوليسي، نشرة هارفارد السياسية. بينما عربياً وتحديداً سورياً فأعتقد بأنه مازلنا بعيدين عن حقيقة وجود وجود محللين استراتيجين، ومراكز دراسات مختصة بمجالات معينة تسهم في تقديم الاستشارة والدراسات والتحليلات لصانع القرار. ما يوجد لدينا هم غلمان سياسة وتحليل سياسي.
خاص موقع قلم رصاص