يوزع “صحفي” شهادات حسن السلوك “الإبداعي” على أبناء بلده في شتات اللجوء، يخون ويحقّر من جهة ويمدح ويطبل من جهة أخرى، بلا أدنى مقاربة مهنية، يبني الافتراضات والتشهير على مبدأ صحفي آخر، لطالما اعتمد على “مصادر جهادية” في معلوماته، إلا أن الفرق بينهما أن موزع طرنيب “الأخلاق” الأفلاطوني يختص في “الفن والثقافة” (…) أمّا الآخر يعتمد على “تويتر” الذي سمّاه أخيراً بنك التحركات “الجهادية” في شؤون الأحداث السورية!
يستيقظ هذا الموزع على صياح “ديك الدراما السورية” في شارع الحمرا البيروتي، ليتلقى الأوامر باستهداف قائمة من المشتغلين في المشهد، فالأمر لا يحتاج أكثر من سطر مفتاحي يكتبه “الديك” على ورقة نقدية من فئة الألف ليرة السورية “القديمة” قرب صورة حافظ الأسد، مؤكداً لهذا الغلام أن مكانه في “عاصمة الأمويين” – كما يكتبها في مقالاته – محفوظ ولن تقترب منه حواجز “الشحط” الإجباري إلى الخدمة العسكرية، يطمئن للسطر والصورة، ثم ينطلق إلى البناء الأبيض المرتفع، هناك في مكتبه يجري اتصالات على حساب الجريدة مع دمشق و”مصادره” باحثاً عن آخر ظهور وكلام للضحية المستهدفة التي سوف ينشر “علاكه” عنها في اليوم التالي.
إن نمو هذه الكائنات في الكتابة الصحفية يعيد للأذهان أسلوب التجنيد الحزبي الذي اشتغلت عليه دول الاشتراكية “اسمياً” والطغيان “فعلياً” لتشيطن أي إنتاج خارج منظومتها من مقترحات وأشكال و مضامين.
لا يختلف هذا الموزع عن صاحب قناة “إخبارية” أطلقها بعد خروجه من مدرسة “الجزيرة” مؤكداً أن “فلسطين هي البوصلة” حسب وصفه، إلا أن البوصلة ذاتها يمكن أن تصطاد صبية ظهرت مع أختها وهي تردد كونشيرتو “إنساني” عن كوارث البلاد العربية، دعونا نتجاوز هذه الكوارثّ! ونذهب باتجاه اللغة الخطابية المتردية التي استخدمتها لتقول بعض مفردات الندب والعويل على إيقاع غناء أختها الواقفة إلى جانبها، فيديو ظهر منذ عام تقريباً، جعل المغنية “مطربة” دخلت دار الأوبرا الدمشقية ورفضت التنازل للقاء مع التلفزيون السوري..
والمردّدّة “مذيعة” في ذات القناة “الإخبارية” صاحبة البوصلة الفلسطينية التي لم تنتبه إلى فقدان مذيعتها للكاريزما والحضور المختلف، مقارنة مع من يظهر على ذات الشاشة! ناهيك عن مهارتها بتكسير الأحرف اللثوية ولفظها بأشنع الأساليب لقواعد النحو وبناء الجمل التلفزيونية البرامجية التي لم يسمع بها فريق إعداد “هوب هوب الثقافة” برنامجها، محدث النعمة الحالي.
هي كذلك، مسألة غرام لأية تجربة واردة كـ “ضرب براني” تأتي من يوتيوب أو خرجت للتو من وباء الانتشار الميدياوي، فتاة مراهقة حظيت بفرصة في قناة فضائية – بغض النظر عن خط القناة المجهول – لكنها أصبحت “مذيعة” وينظر إليها العاملون في تلفزيون بلدها السوري، نظرة تساؤل: “كيف وصلت؟”.
لا يخفى عن القناة ذاتها طريقة اختيار “عمّالها” جمع مشتق من عمالة!!- إذ يكفي أن يبحث أي منكم عن مذيعة المطر الشهيرة التي انتقلت بعد الفضيحة على الإخبارية السورية لتحط الرحال مهاجمة النظام السوري عبر قناة «ONTV» المصرية، ثم بقدرة عجيبة أصبحت في ضاحية بيروت الجنوبية ضمن أروقة القناة “البرتقالية الإخبارية” تلك…
موزع برتبة “صحفي”، ومردّدّة رُبع “مذيعة” هما نموذجان من التساهل المهني الذي لم يهدمه النقد وسمح للمريدين أن يجعلونا نصدق كذبة الولادات الهجينة، الولادات التي ظهرت أنيابها وتضاءلت مساحة ابداعها ومسخت أخلاقها بحضور التصفيق والـ “البرافو” الجماهيرية.
كاتب سوري ـ قبرص| خاص مجلة قلم رصاص