الرئيسية » مبراة » لست طلال سلمان!

لست طلال سلمان!

حتماً أنّي لست طلال سلمان، ومجلة قلم رصاص ليست جريدة السفير، لذلك لن يفتح قادة المحاور المتصارعة في الشرق الأوسط والغرب الأقصى أقفال خزائنهم ويغدقون علينا بالأموال كي نبقى على قيد الحرف، ولا نغلق مجلة قلم رصاص بعد ستة أشهر من انطلاقتها، وقد أردنا لها أن تكون صوتاً حُراً مُغايراً لما ألفناه خلال السنوات الست الأخيرة، سنوات الحرب المجنونة التي أدّعى زبانيتها أن غايتهم منها تحرير الإنسان من براثن الطغيان، إلا أنهم قيدوه أكثر وأمعنوا في تعذيبه حتى خرج من إنسانيته وأضحى وحشاً لا يمت للإنسانية بصلة من فرط القهر والظلم.

كُثر هم الذين امتطوا الإنسان وامتطوا الشعوب بشعارات ملونة بألوان زاهية، وقد ربحت تجارتهم وأثمرت في جيوبهم، وتردى وضع الإنسان أكثر وتشظت إنسانيته ولم يبقَ منها سوى التسميات التي انتحلتها شخصيات ومنظمات وجمعيات ومؤسسات نصب واحتيال يلهث أصحابها خلف البريستيج وركوب الموجة وجني الأرباح على حساب الفقراء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في غابة حل فيها الوباء وانعدمت فيها الأخلاق والقيم.

رغم أنه لن يشعر أحد بنا ـ باستثناء الخلّص من الأوفياء الذين شاركونا مخاض الولادة ـ إن قررنا طي صفحاتنا ورفع أقلامنا وإسدال الستار عن مشروعنا الثقافي إلا أنني ما قصدت بما قلته آنفاً أننا سنغلق صفحات مجلتنا، ونعيد أقلامنا إلى جيوبنا بعد أن أشهرناها في وجه التطرف والجنون والأقلام المأجورة والثقافة السطحية التي أصبحت تطغى على المشهد من المحيط إلى الخليج في محاولة واضحة لتعويم الثقافة وصهر الأجيال المتعاقبة في هلامية مجهولة تُلغي الهوية الحقيقية.

نُدرك تماماً منذ انطلاقتنا أن الطريق التي اخترناها وقررنا أن نسلكها ليست مُعبدة بالزهور، وحتماً إن ما جئنا به لا يُناسب خزّان بيوت المال وأصحابها، وشيكاتنا العقلانية غير قابلة للصرف في بنوكهم المجنونة، لكننا لن نغمس أقلامنا في الدم ونكتب حتى نغل من حروفنا ذهباً أحمر يجعلنا نستمر في هذا العالم.

ونعرف أن ثمن حرية القلم كبير وقلة هم الذين يستطيعون دفعه من دمهم وأرواحهم ووقتهم وجهدهم ولقمة عيشهم، ربما يرى فيها البعض طوباوية أحلام الشباب وحماس دونكيشوتي غير مُبرر ويدّعون أنهم حين كانوا بمثل أعمارنا كانت لهم الأحلام والأهداف ذاتها، إلا أن معطيات المرحلة تغيرت والظروف المحيطة فرضت نفسها وجعلتهم يحيدون في بعض الأحيان وينحنون للريح في أحيان أخرى كي يتمكنوا من الاستمرار، لكننا حتى اللحظة لم نقرر الاستسلام رغم أنه لن يعاتبنا أحد إن فعلنا ذلك فالمبررات لدينا كثيرة إلا إننا نفضّل البقاء كالطائر الحر فالموت جوعاً أعز علينا من أكل الجيّف.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

محضر تحقيق !

قررت أخيراً أن أضع حداً له، وداهمت مسكنه عند منتصف الليل، كان مستلقياً فوق طاولة …