يونس عطاري |
شارع النخيل
أحبّ محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم، صلّوا عليه معي وبعدي ومن قبلي. أعيش في شارع ونستن تشرشل العصريّ في مدينة سمّاها السكّان الأصليّون ميسياغا، وأنا أبو «الحطيطة» البيضاء والعقال أخفيتهما في شقّتي في الطابق 22، ومنذ أسابيع صار الناس في المقهى المجاور يسمّونه شارع النخيل، حيث كلّ مساء يجتمع أكثر من بعض وأقلّ من ألفٍ من المارّة يراقبون الغزال الّذي يلبس الجورجيت الأسود تحت معطف من فرو الدببة، وذيل لذئب الشمال في هذا الشارع كلّ مساء تمشي خلف الغزال أعمدة النور الحديثة يتساقط منها النور كحبّات البلح الذهبيّة، وكلّما بلغت الإسفلت تلك الحبّات تلاشت كأنّها تبر منثور، وكأنّ الطير على رأس كلّ منهم يقف فلا يقدر أحدهم أن يستخدم التكنولوجيا العصريّة، ولم يتّصل منهم بالـ CNN أو Fox News، ولم يقدر أحد منهم على استخدام إنستوغرام، أو كاميرا الآي فون، أو بلاك بيري الاختراع الكنديّ الأوّل في الهواتف الذكيّة، ولم يتمكّن أحدهم أن يكون شاهد عيان. تحضر عمدة المدينةكغيرها من الناس، تجلس في المقهى، وتقول: ليتني ذاك الغزال الّذي يمرّ الآن في هذا البرد القارس! أيّ امرأة تلك الّتي تلحقها أعمدة النور كأنّها شجر نخيل يمشي على الأرض؟ همست لها: إنّها ابتسام.
حبل غسيل
نعمة النعم التي أصبحتُ عليها فجر هذا اليوم العادي أنني فقدت الشاعر الذي فيّ وارتحتُ فقد رأيتُ آثار قدميه في صالون شقتي قادماً من غرفة النوم ذاهباً إلى الشرفة الشاهقة/ لم أنزل إلى ساحة البناية لأبحث عنه فقد ضاق به صدري/ اليوم أكتب كأي رجل لا يغرف من المعنى الساقط ألى تحت أو المتسلق السلالم/ أشعر براحة أبدية / إن الحروف تسللت من نوافذ الشقة الـ 22 و هي لا تحسن الطيران ومن المؤكد أنها في عداد المفقودين كضحايا الحروب الصغيرة في بلادي والهواء ليس بتلك اللزوجة كي يجتمع حرفان أو أكثر ليتم معنى “الصراخ” أو النجدة فأقوم من نومي الذي امتد أكثر من عشرين ساعة متواصلة كي ألحق بالكلمات وأرمي لها حبلاً وأنقذها من مصيرها عند قاع البناية الشاهقة/ اليوم أكتب سيرة رجل يعتنق الهواء و الماء و التراب و الشجر لا يميل إلى الكلام العميق وذي الأبعاد الثلاثية كأنه يبتني منزلاً أو يرمم قلاع الغرام.
بار
سأفتتح في قلب العاصمة السورية دمشق وبعد الحرب بقليل باراً خلف مؤسسة البريد والهاتف شمال محطة الحجاز للقطارات هناك في الجادة المنسية في ذات الموقع للبار الصغير الذي كان يعلق صور فتيات جميلات باراً باسم “الكأس العاشر اعمتني” فجره للقتلى و نهاره للقتلة و ليله لي و لنادلة البار و ديوان شعر لنزار قباني.
شاعر فلسطيني ـ كندا | خاص موقع قلم رصاص