راما تركاوي |
ليس الدّم على قميصنا كذباً.
أكلَنا الذئب ولم نَمُت، ننزف في كل يوم قطرة، وتعتصر السنين اليابسات مابقي من رمقٍ في كؤوس أرواحنا.
يا أبَتِ
كم صرخت جثثنا المتهالكة رعبا على حافة البئر
كانوا إخوتنا، هم من رمونا يا أبي، تمنّونا أمواتا ليتاجروا بدمنا، وجاؤوك عِشاء يبكوننا
والبئر عميق يا أبت، والسماء بعيدة..بعيدة
لم تسمع مناجاة حناجرنا الجافة.
رفضنا الحبال التي رماها لنا عابرو السبيل
كيلا نباع في أسواق الرقيق المعولمة
فأكلت الطيور من رأسنا
وتصارعت البقرات السمان، ودَهسنَ مابقي من خُضر سنابلنا
أبتاه
راودتنا الحرب عن جميل أرواحنا
واستعصمنا
فَقُدَّ قميصنا من قُبُلِ
وقُدّ قميصنا من دبرٍ
ولم يشهد لنا شاهد من أهلنا
نحن الأبرياء، إلا من حب هذي الأرض
لا زلنا على ضلالنا القديم
حملنا عشقها ورداً، فاستحال سكيناً، ولم نقطع به إلا أيدينا
يا أبتِ
لم نُرد شمساً ولا قمراً يوماً لنا يسجدون
كانت يكفينا متسع صغير على هذي الأرض، لم يسكن الطاعون نسغ أشجاره، ولم تهاجر طيوره خلف سحب الدخان
أبتاه
يا وطن القهر
ابيضّت عيناك
احمرّت ثيابنا
وتساقطت قمصان أرواحنا على حضن أرضك
أفلا ترتد بصيراً؟
سورية ـ حماة | خاص موقع قلم رصاص