حسام حميدو |
لا أذكر كم كان عمري عندما دخل علينا معاون مدير المدرسة وأخبرنا أننا ولكوننا مشاغبين سنحرم جميعاً من الانتساب للحزب، لقد كانت صدمتنا كبيرة.
هل يحق له؟
يحرمنا من الانتساب وكل من يبلغ الصف العاشر يصير تلقائياً عضواً في الحزب. هل ذلك ممكن؟
بعض الطلاب انهمرت من عيونهم دموع الحرمان، غيرهم لم ييأس وترجى..
“ما في انتساب للحزب يا جحاش” دون جدوى.
الحقيقة أن ذاك الحرمان ما كان ليعنيني في شيء لولا أن صديقاً لي في مدرسة أخرى كان قد أخبرني أنه رفض عندما طُلب إلى التلاميذ في تلك المدرسة الانتساب للحزب أن يفعل. فما كان من مديره، شخصياً، إلا أن دعاه إلى غرفة الإدارة وسأله بكل عاطفة أبوية عن سبب عدم رغبته بالانتساب للحزب “ليش يا ابني ما بدك تنتسب للحزب” لكن صديقي أصر على الرفض دون إبداء الأسباب – التي ظلت مجهولة – فأكمل المدير يتنقل بين ترغيب وترهيب ووعيد وقد نجحت إحداها فالفتى لم يغادر الغرفة إلا بعد أن كان قد انضم للحزب.
فلماذا كل هذا الاهتمام به؟ هو الذي له تحفظاته على الحزب بينما أحرم أنا الانضمام إليه من الأساس، هذا ما أزعجني ولو قليلاً قبل أن أنسى. إلا أن معاون المدير كان له رأياً آخر في مسألة النسيان تلك، فبعد أسبوع – على الأرجح – دخل علينا مرة أخرى. ولم يكن لديه هذه المرة ما يحرمنا منه إلا أن يمنعنا العودة لبيوتنا وهو ما حصل ” ما في روحة اليوم ع البيت”.
ولو أنه قد أتى بمطرقة وسمرنا بالمقاعد لما ثبتنا بها كما فعل بمجرد القول.
جلسنا ساعة، أقل أو أكثر، ننتظر حلاً، فرجاً، و ربما لا ننتظر شيئاً. إلى أن هلّ علينا وعلى وجهه ابتسامة يخفينا بها وقال “سامحتكم ….. يلا.. لحئوني لتنتسبوا للحزب ” ولحقنا به.
كتبت اسمي على ورقة، وخرجت وقد صرت عضواً في الحزب.
عدت إلى صفي أخذت حقيبتي من مقعدي وضعتها على ظهري وانصرفت الى البيت، حين وصلت وجدت أمي غاضبة جداً وبمجرد أن رأتني بدأت تصرخ “وين كنت لهلئ… دوام المدرسة خلص من ساعتين”.
لا أعتقد أنها كانت ستفعل ذلك، لو أنها علمت أن ابنها قد صار عضواً في الحزب الحاكم.
سورية | خاص موقع قلم رصاص