نضال بشارة |
ما زلنا في حمص وفي بقية المدن التي شهدت وعانت ما عانته هذه المدينة في هذه الحرب التي نتمنى أن تخمد نيرانها مرة واحدة وللأبد، ما زلنا نستمع إلى شكوى الكثير من الأشخاص المحبين للكتاب قبل الأدباء، الذين فقدوا مكتباتهم خلال سطوة هذه الحرب، والذين خلال شكواهم تجمع آراؤهم على أهمية إصدارات وزارة الثقافة التي أصدرت كتباً هامة، مؤلفة كانت، أم مترجمة، وفي حقول إبداعية ومعرفية عدة، وهذه الشهادة منهم ليست جديدة في حق إصدارات الوزارة، ولا مقصد كلامنا. ففي ظل تلك الشكوى وفي ظل الغلاء الفاحش للكتاب نقترح أمام مديرها الجديد “د. ثائر زين الدين”، من كونه شاعراً ومترجماً حاز قبل تسلمه منصبه الجديد على جائزتين في الترجمة، أن تعيد الهيئة العامة للكتاب طباعة الكثير من الكتب التي سبق وأن أصدرتها الوزارة والتي يقر الجميع بأنها مراجع أساسية في حقولها، وستأتي تلك الطباعة حتماً بأسعار منافسة للقطاع الخاص. وهذا ما سيخفف على من يريد استعادة بعضاً مما خسره في ضياع مكتبته خلال هذه الحرب، بعضاً من الأعباء المالية التي لم نعد نحتملها. وفي رأينا تأتي أهمية إعادة الطباعة مضاعفة، من ضرورة توفير تلك الكتب أمام الأجيال الجديدة التي يجب أن تتوافر تلك الكتب بين أيديها، فهي كتب، يقرؤون عنها أو يُرشدون إليها كمراجع، أو لدراستها لمن هم في صفوف الدراسة الجامعية، وتوافر بعضها في المكتبات العامة أو مكتبات جامعات القطر لا نعتقد أنه يفي بالغرض. واقتراحنا هذا ليس جديداً على الهيئة العامة للكتاب بل هو من صلب ما أنجزته، إذ سبق وأن نفذت جزءاً إبداعياً منه فقد أعادت طباعة مؤلفات لمبدعين رحلوا ( الشاعرة سنية صالح، الشاعر علي الناصر، القاص حسيب كيالي، القاص صباح محيي الدين، الروائي شكيب الجابري….) وذلك ضمن مشروع نشر الأعمال الكاملة للأدباء السوريين المؤسسين.
ولا ننسى ما أصدرته ضمن سلسة آفاق ثقافية ( الكتاب الشهري) الذي لم يقتصر على المؤلفات الجديدة بل شمل أيضاً إعادة إصدار بعض الإبداعات. فلعل الإدارة الجديدة تكمل ما سبق وأُنجز سابقاً، فضلاً عن ضرورة تكريم بعض المبدعين الذين ما زلوا على قيد الحياة، وذلك من خلال طباعة كتاب لهم على الأقل، على أن يتم بالتواصل معهم ليختاروا بأنفسهم، سواء كان الكتاب من إصدارات وزارة الثقافة أم لا ، أو أن يكون مؤلفاً أو مترجماً جديداً. بمعنى أنه لا يقلل من أهمية الهيئة العامة للكتاب الاتصال ببعض من تختارهم من المبدعين.
وكما نقترح على الهيئة أن يتم الالتفات لتوثيق الكثير من أدبنا وتراثنا الشعبي فهو جزء مهم من مكونات هويتنا التي تحاول هذه الحرب تقويضها. وذلك بالاستعانة مع بعض الأسماء الأدبية الاختصاصية في هذا المجال.
وإن كان لي أن أقترح أخيراً تكريم أحد رموز الذين عملوا في وزارة الثقافة وبصمت دون أي ضجيج إعلامي أن تقيم الهيئة تكريماً لائقاً بالمبدع الناقد والأديب محمد كامل الخطيب الذي أشرف على تقديم وتحرير سلسلة ” قضايا وحوارات النهضة العربية ” التي أصدرتها الوزارة وتنوعت بين المواضيع التالية: الإصلاح والنهضة، وقضية القومية والوحدة، وقضية الاشتراكية، وقضية الحريات العامة، وقضية المرأة، وبين أيضاً: نظرية الشعر، نظرية النقد نظرية المسرح، نظرية الرواية، قضية الفلسفة. أقترح ربما كلمة لا تكفي وربما يفترض القول أطالب باسمي وباسم كل من قرأ كتاباً حرره هذا الإنسان الذي عمل بالظل سنوات حياته، لا لأجل تكريمه كشخص بل لأجل تحفيز آخرين قد يأتون من بعده لإكمال المشوار.
وأشير إلى أنه كان يفترض بنا في حمص تكريمه ضمن صالون أدبي كان يعقد جلساته في بيت الدكتور “رضوان علي ديب” ويشرف على أنشطته القاص ” فراس نور النجار” الذي بإمكانيات جد متواضعة عمل على عقد ندوات تكريمية للشاعر الراحل “موريس قبق”، و” الناقد الأدبي حنا عبود “، والشاعر الفلسطيني الذي نعتبره ابن حمص ” أحمد دحبور”، لكن اقتراح تكريمه بمثل هذه الندوات من قبل الباحث عطية مسوح قضت الحرب عليه ولم تسعف الصالون الأدبي على تنفيذه، ولعل الهيئة العامة للكتاب تقوم بهذا، فهي ذات إمكانيات أكبر وهي البيت وأهله، فهل نشهد؟
كاتب سوري | خاص موقع قلم رصاص