حبيب أديب شحاذة |
يلعب الدين على مر التاريخ دورًا مهماً في تحديد توجهات الناس. وكأن الإنسان يحتاج الى تبعية حتى يمارس إنسانيته. وهذا ما تجلى من خلال انتشار الأديان ومن ثم انتشار حركات وتيارات تدعو إما الى التجديد أو الالتزام بالنص الحرفي للتعاليم.
والساي بابا أحد أبرز الزعماء الدينين في الهند توفي سنة 2011 وله الملايين من الأنصار بينهم قادة سياسيون ورجال أعمال ومشاهير. واسمه الكامل ساتيا راجوناريانا وتعني بالعربية “جنة الحق”.
وعقيدته تقوم على أربعة عناصر أساسية: الحقيقة – السلام – اللاعنف – الاستقامة.
والجدير ذكره أنه يقال: إن الكرامات ظهرت في بيته وشاهدتها أخته الصغرى ومنها تآلف الحيوانات معه. وللساي بابا عدة حركات ومؤسسات اجتماعية وخيرية منتشرة في 166 بلد حول العالم.
أنشأ الساي بابا ثلاث معابد الأول في بومباي وفي ساتيام الثاني والثالث في حيدر أباد. ومنذ عام 1960 بدأ العالم الغربي ينجذب إلى تعاليم هذا المعلم الروحي. أما عربياً وتحديداً سورياً حيث بدأ مؤخراً الترويج لفكر الساي بابا في السويداء. من هنا أتت ضرورة الحديث عن هذا الفكر الوافد.
فما هي تعاليم الساي بابا: الخدمة والاحسان للأخرين. ومحبة جميع الناس والمخلوقات. والتخلي عن العالم المادي.
أما مبادئه فهي:
هناك طائفة واحدة وهي طائفة البشرية. وليس هناك سوى دين واحد وهو دين المحبة. ليس هناك سوى لغة واحدة وهي لغة القلب. ليس هناك سوى إله واحد وهو إله حاضر دوماً.
ومع كل هذه التعاليم والمبادئ لا يوجد شيئ غريب أو مستهجن. وإنما معجزاته الخارقة التي تتراوح بين شفاء المرضى وتغيير لون ثيابه وكتابات تظهر بخط يده على مستشفيات لندن وتحويل الماء الى بنزين وإلى شراب آخر وتحويل الغرانيت إلى سكر وحلوى. كما أنه كان يدعي الاتصال بالسماء وربما الألوهية. وهذه المعجزات كانت موجودة مع كل الأنبياء الأوائل.
هنا تجدر الإشارة إلى أن استشاريين من جامعة بنكلور وجهوا دعوة رسمية له في عام 1976 كي يقوم بكراماته المزعومة في ظروف محايدة تماما إلا أنه رفض وأجاب. أنتم لاتعرفون إلا المعادلات العلمية المادية وعقولكم ضيقة. مما يتضح الى أنه يندرج تحت مايسمى الدجل والدجالين.
بالعودة الى الحالة السورية ومحاولة شخص أكلديمي يدعى د. نواف الشبلي (Nawwaf Alshibli) نشر فكر وتعاليم الساي بابا في السويداء بين أتباعه ومؤيده سواء من خلال اللقاءات المباشرة أو عبر السوشال ميديا (الفيس بوك) حيث يؤكد بأنهم: يتناغمون مع روحانية الحكماء كلهم وخصوصاً ساي بابا وتعاليمه ويرفضون تحديدهم باسم أو تيار أو مذهب أو دين ويصر على أنهم كونيون أحدويون. ويقول:
(نحن رأينا إرادة الله عبر الحكيم ساي بابا فأصبحت إرادته عيننا التي ترى ويدنا التي تعطي ورجلنا التي تمشي. فكيف لنا النظر لغير النور الساكن في داخلنا؟ ولغير المحبة النابعة من طيبة قلوبنا؟ وجماله الذي عم الوجود؟).
وهنا نشير الى أن سورية غنية ومتعددة طائفياً وعرقياً ومذهبياً ودجلياً ولا تحتاج إلى “دجالين جدد”. وهذه الفكرة الوافدة ربما تؤدي مثلاً إلى انقسام داخل طائفة الموحدين الدروز كون الشبلي ينشر هذه التعاليم وله الكثير من المؤيدين والأتباع.
بالنهاية لا ننسى بأن المجتمع السوري مأزوم سياسياً وثقافياً واجتماعياً ودينياً وإنسانياً. ولا يحتاج الى فكر دخيل مستحدث يشتت ما هو مشتت ويعمقه.
سورية | خاص موقع قلم رصاص