أحمد كرحوت |
صديقتي (سابقاً) وهنا سابقاً لا تدل على الماضي البعيد إنما على بضع ساعات تباعاً لبوست كنت قد كتبته على صفحتي الشخصية ما أدى إلى حظري بسبب منشور يحمل فكرة لي أنتقد فيها حالة معينة حول الاستهزاء بثقافة المنزل وربات المنازل، يبدو أنها شعرت ببعض السذاجة حين كتبت على صفحتها بضع كلمات استعراضية لثقافتها المحدودة “وهنا أيضاً كلمة محدودة ليست تقليليلة أو تكثيرية لكن لبرهنة أن كل شيء محدود وأصغر المحدود دائماً هي المعرفة”، ثقافتها التي تم تضخيمها من قبل بعض الشخصيات لكن بدل أن تقوم بحذف المنشور آثرت عليه حذف صديق دون التفريط في بوست يحمل ما يقارن المئة “لايك” يبدو أنه التواصل السائد في هذا الوقت، و بعد أن كتبتُ رداً بسيطاً تناولت فيه بعض النقاط التي تتلخص بأن ربة المنزل غالباً ما تكون أكثر ثقافة من الكثيرات اللواتي يكتبن ما يشبه الأدب، أنا أتحدث هنا عن محدثي التعامل مع الكتب وخاصة من الفتيات لدرجة أن ترى البنت نفسها بعد فترة وجيزة أنها تشعر بالإهانة حين تكتب أو تقرأ وتقوم بواجبات المنزل في نفس الوقت حيث كتبت (شاعرة) “وهي كلمة تأتي من الشعور لغوياً أو هذا ما كان سائداً ” كتبت على صفحتها الشخصية (أتعلمون كم ضاع من وقتي للذهاب للسوق لإحضار لوازم طعام وعمل وجبة غداء، كان يمكن أن أنهي فيها كتاباً أو أن أكتب لكم شيء ذو فائدة) ثم تشعر بالحزن على ربات المنازل، تلك النسوة ذاتهن اللواتي أخرجن أجيالاً وهن يقمن على التربية وعمل المنزل والتثقيف قبل التنظيف، من أنتِ يا عزيزتي الأم لبعض منشورات إلكترونية لتوزعي شهادات “مسخرة” على ربات المنازل الحقيقيات، آلهة المنازل اللواتي يستطعن أن يربين جيلاً كاملاً ويقرأن ويكتبن مجلدات لا طاقة لأمثالك على تحملها أو فهم فلسفتها ، فلسفة الداخل هي الداخل في كل شيء، و فلسفة داخل المنزل ما هي إلا انعكاس لداخل العقل وما يحتويه من أفكار ساذجة وتافهة أو غنية قد تكون كفيلةً بتغيير جيل بأكمله، ثقافة المنازل يا عزيزتي هي الثقافة الأم وثقافة الأم، هي المجتمع المصغر وانعكاس للداخل النفسي..
فأن تقول إحداهن مثلاً لمتابعيها على فيسبوك (وإحداهن هنا من المفترض أنها تعي معنى الثقافة بعيداً عن الأرستقراطيات التافهة)؛ أنا لا يجب أن أقوم بمثل هذه الأعمال والواجبات المقرفة، عليّ أن أكتب شيئاً لكم يا جمهور الفيسبوك العظيم، ذكرتني الحالة السابقة بالمستعرضين من الذين يتأثرون بشخصية معينة فيحاولون تقمص كل ما في هذه الشخصية من سلبيات إضافة لسلبياتهم الراسخة ما يخلق كائناً فارغاً تماماً إلا من الصياح أمام بعض جمهرة من المراهقين الصغار والكبار على حد سواء..
يبدو أن ثقافة الفيسبوك (وأتحفظ على كلمة ثقافة) يبدو أنها لم تغير نوع التواصل فقط، إنما شوهت معايير إنسانية عظيمة كأن يخسر الإنسان صديقاً فقط لأنه جادله في عبارة ( فيسبوكية ) موجهة لجمهور يتأثر في داخله بالمنشورات طبقاً للصورة الشخصية فيوزع كلمات الثناء والتغزل حتى على شتيمته..!!!
شاعر سوري ـ الإمارات العربية | خاص موقع قلم رصاص