كان تأسيس قناة “دراما” كإحدى القنوات المتخصّصة التي يبثها التلفزيون السوري فرصةً ذهبية للافادة من المخزون الدرامي المحلي كأكثر الصناعات الفنيّة تجذّراً، لجهة الأفكار والسجالات والمواد الأرشيفية، لكننا لن نجد برامج نوعيّة لافتة، أو خريطة درامية تتكئ على ثراء هذه الصناعة الثقيلة، خصوصاً في ما يتعلّق بحقبة الأبيض والأسود التي تتيح وحدها إطلاق أكثر من برنامج ناجح، بدلاً من تلك المشاهد المكرّرة من دون جهد.
وبدلاً من أن تكون هذه القناة، في موقع المنافسة عربياً، نظراً لتوافر الأرضية الصلبة درامياً، بقيت إلى اليوم بما يشبه مرحلة البث التجريبي لغياب الهوية البصرية، وكادر التحرير، وهيمنة المذيعات الهاويات على فترات البث، إلا في ما ندر. وما زاد الوضع سوءاً، في الفترة الأخيرة، حالة الارتجال في صناعة الخطة البرامجية، وإذا بإدارة القناة تقحم نشرة أخبار سياسية، وندوات سياسية لمعلّقين “استراتيجيين” كنّا نظن بأننا هربنا من تحليلاتهم في القنوات الأخرى. ولكن مهلاً، ماذا يفعل برنامج رياضي هنا، أم أن دراما الأقدام تدخل في صلب عمل هذه القناة؟ وماذا يعنينا في الشريط الإخباري، وجود خبر عن اكتشاف علمي مثلاً؟ إن الاعتماد على المواقع الالكترونية في إعداد البرامج بخاصية القص واللصق، والإنشاء المدرسي السقيم في صوغ مقدمة هذا البرنامج أو ذاك، والارتجال، وندرة الأفكار المبتكرة، كلّها أسباب قادت هذه المحطة إلى حالة احتضار صريحة، بدلاً من أن تشتبك مع عشرات العناوين الدرامية الملحّة. عفواً، ما نشاهده على هذه الشاشة، ينتسب إلى مزاج إداري تربّى في مرحلة ما قبل الفضائيات المتخصّصة، أو ما كان يسمّى “من كل قطر أغنية”، شرط إضافة برنامج طبي لمعالجة الكسور والرضوض والذائقة!
ورغم هبوط مستوى هذه القناة “المتثائبة”، إلا أن اختراع دمغة “الإشراف العام” على كل برامج القناة، يثير تساؤلات إضافية عن وضع هذه الدجاجة التي تبيض ذهباً لمشرفيها، فيما يكتفي المشاهد البائس بالفرجة على الصيصان الهزيلة في مفرخة ساحة الامويين!
الأخبار اللبنانية