مضى عقد من الزمن منذ بدأت أكتب وأنشر في الصحافة الورقية والإلكترونية، وعندما عملت في بيروت أميناً لتحرير مجلة تحولات الثقافية كنت قد بدأت للتو الكتابة في جريدة الأخبار اللبنانية، ولعل هذه الأحداث المتسارعة ليست بعيدة ولم يمضِ عليها أكثر من سنوات ثلاث، وخلال تلك المسيرة المتواضعة لم يسبق لي أن قرأت أو سمعت عن مصطلح مهيب مثل (الثقافة الطازجة) إلا في صحيفة الوطن السورية.
بدأت القصة حين عرفت من أحد الأصدقاء أن المسؤول الثقافي في صحيفة الوطن هو الكاتب إسماعيل مروة، فأرسلت له مُعرفاً بنفسي وأين أقيم وألحقت رسالتي الإلكترونية الأولى بأخرى أبديت فيها رغبتي بالنشر في صحيفة الوطن لما يعتريني من حنين إلى ذاك الوطن الذي هجرته مُجبراً لكنه لا يبارحني.
رد الأستاذ إسماعيل على رسالتي بعد طول انتظار وعلى الفور أخبرني أن الجريدة لا تدفع المال، فتساءلت في نفسي ما بال الرجل هل يظن أني سأطلب منه إرسال ثمن مقالاتي بالليرة السورية إلى العاصمة البلجيكية بروكسل؟
أخبرته أني لا انتظر منهم مالاً، وإن رغبتي تكمن في حب النشر بإحدى صحف بلدي فقط، خاصة أن مقالاتي في صحيفة الأخبار اللبنانية وبعض المواقع العربية هي عن بلدي ومعاناته المزمنة مع الحرب. رغم تأخره في الرد علي بعد قراءة رسائلي إلا أني تحليت بالصبر لأن النشر في صحيفة سورية أمر يستحق العناء، وبعد إلحاحي أرسل لي يخبرني بموافقتهم على نشر مقالاتي شرط أن تندرج فيما أسماه (الثقافة الطازجة).
أربكني هذا المصطلح كثيراً، وشعرت بالإحراج من جهلي وقضيت أياماً قبل أن أرسل له مقالتي الأولى في البحث على شبكة الإنترنت عن تلك «الثقافة الطازجة» التي عناها مسؤول الصفحة الثقافية، وقرأت غير مرجع وعدت إلى الزمخشري والفراهيدي والأصفهاني وحتى معجم البلدان ولم أجد أثراً لذلك المصطلح، ثم أرسلت له مقالتي التي كتبتها عن حرق أقدم مكتبات مدينة الرقة ومضت أشهر على قراءتهم مقالتي ولم يردوا ولم ينشروا ولم يبدوا رأياً بما أرسلته.
قررت حينها متابعة الصفحة الثقافية لمعرفة الثقافة الطازجة، وبعد فترة وجدت أنها تكمن في معرفة كم سنتيماً من السيلكون في أرداف الفنانات وآخر أخبارهن فإن في مظهرهن وفساتينهن ثقافة طازجة لا يمكن أن أصلها يوماً، ولست أكتب ما كتبته اليوم إلا لعدم احترام الآخر والرد على رسالته سواء في قبول النشر أو رفضه، لأن ذلك من أبسط أدبيات العمل الصحفي الذي تفتقر إليه صحفنا الرسمية والخاصة.
رئيس التحرير