الرئيسية » نقار الخشب » موسم درامي رمضاني أم موسم للدراما في رمضان..؟!

موسم درامي رمضاني أم موسم للدراما في رمضان..؟!

ماهر منصور | يبدو أننا جميعاً مدعوون لإعادة النظر في مصطلح “الموسم الدرامي الرمضاني” الذي نستعمله في متن حديثنا عن الدراما التي تعرض خلال شهر رمضان المبارك، فالمصطلح خلال السنوات القليلة الفائتة، أصابه “وهن المعنى” إن صح التعبير، وقد بدا ما يعرض مفارقاً لاقترانه بالشهر الفضيل، فاتسعت الهوة بين الأجواء الرمضانية الدينية و العائلية، وطبيعة الأعمال المعروضة وارتفاع منسوب الجرأة فيها لاسيما مع عرض مشاهد سرير و وأخرى في الحمام والولوج في قصص الخيانات الزوجية والحب الحرام وسواها.

ومع اتساع هوة المفارقة تلك بدأنا نسمع تساؤلات مستنكرة حول كثير مما يعرض، فيما إذا كان مناسباً بجرأة مضمونه، حواراً وصورة، للعرض في طقس ديني مثل رمضان..؟

بينما سننشغل، بوصفنا مشاهدين ونقاد، في البحث عن أجوبة محتملة لهذا السؤال، سنجد أن ما من أحد من صناع الدراما يجد نفسه معنياً بالإجابة عنه، ذلك لأنهم يعملون دراما تعرض في موسم رمضان، ولا ينجزون دراما رمضانية حكماً، وبالتالي تبدو المشكلة في فقه مصطلح “الموسم الدرامي الرمضاني” والتباسات معناه. ولفك تشابك عقدة هذا الالتباس بين الرؤية النظرية ( دراما رمضانية) و وواقع الممارسة (دراما تعرض في رمضان) لابد من فصل “الصفة” “الرمضاني” عن الموصوف “الموسم الدرامي” ليصير المصطلح الأكثر تعبيراً عما يعرض اليوم هو “الموسم الدرامي في رمضان”.

إدراك المصطلح الجديد ربما من شأنه أن يزيح الاستغراب من مشهد يفتتح به الفنان المصري عادل إمام مسلسله وفيه يتم استعراض ألبسة داخلية نسائية في إيحاء واضح لليلة حمراء قضاها بطل العمل بهجت مع زوجته عيشة التي يأتينا صوتها من الحمام في المشهد ذاته، يختلط وصوت تساقط ماء الدش.

والمصطلح الجديد ربما سيخفف من إثارة حفيظتنا أمام مشاهد مسلسلات تقوم بأسرها على الخيانة الزوجية وربما تبريرها، ومع المصطلح هذا ربما لن نستنكر كثيراً مشاهد الجنس الإيحائية والرقص والمخدرات وسواها في مسلسلات راحت تلعب على حدود المحرم والمحظور والعيب وغير اللائق والجريء لتحظى بتسويق ونسب مشاهدة عالية.

بالمطلق لا مراهنة على قبول جماهيري لتلك المشاهد مهما كانت الصيغة الجديدة للمصطلح التي تنطوي تحته، لكن تثبيت المصطلح بصيغته المقترحة “الموسم الدرامي في رمضان” من شأنه أن ينقل جزءاً كبيرة من المسؤولية التي عادة ما تلقى على كاهل صناع الدراما إلى القنوات العارضة، والتي يفترض أن تختار مما ينتج ط ما يصلح للعرض في رمضان.

المسألة شبيهة بما يقوم به مدير مطعم يعد قائمة الطعام الرمضانية، وفيها يستبعد أصنافاً ويستحضر أصنافاً موسمية، وبالتالي على القنوات العارضة أن تعي ما الذي يفترض أن تعرضه خلال رمضان وما العمل الذي عليها استبعاد عرضه أو أقله تأجيل العرض إلى ما بعد الشهر الفضيل، وهو أمر بات متاحاً مع التوجه السائد لكسر طوق العرض الرمضاني بمواسم درامية أخرى.

وتحميل القنوات العارضة المسؤولية لن يتوقف عند هذا الحد، فهذه الأخيرة هي سوق التصريف وبالتالي هي من تحدد مواصفات الطلب وشروطه، وسيكون على شركات الإنتاج، أي صناع الدراما، تقديم ما يلبي اشتراطات السوق وطلباته، وكلنا نذكر في تسعينيات القرن الفائت كيف عمل السوريون والمصريون وفق قائمة محظورات وضعتها القنوات العربية العارضة.

تحميل القنوات العارضة المسؤولية لن يتوقف عند هذا الحد، فهذه الأخيرة هي سوق التصريف وبالتالي هي من تحدد مواصفات الطلب وشروطه، وسيكون على شركات الإنتاج، أي صناع الدراما، تقديم ما يلبي اشتراطات السوق وطلباته، وكلنا نذكر في تسعينيات القرن الفائت كيف عمل السوريون والمصريون وفق قائمة محظورات وضعتها القنوات العربية العارضة.

على هذا النحو ليس وحده السؤال عما يجب أن يعرض في رمضان يفترض أن يوجه إلى القنوات العارضة، بل لها يجب أن نوجه سؤالاً عن طبيعة التوجه العام، شكلاً ومضموناً، الذي يحكم مسلسلات الأعوام الأخيرة…رغم أننا ندرك مسبقاً أن القنوات العارضة لن تلتفت إلى السؤالين السابقين، فهي معنية فقط بسوق الإعلان وما دام المعلن راضياً، فلن تشغل بالها بالجمهور، حتى لو صرعتنا بيافطة أنها تعمل من أجل هذا الأخير.

صحافي ثقافي وناقد درامي

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

“السينما والتسامح” مهرجان تونس الدولي للفيلم الوثائقي

تنطلق الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي والدولي يوم الخامس عشر من الشهر الجاري ويستمر …