يبلغ عمري الليلة مائتين وسبعاً وتسعين صفحة. أبدو شديد التماسك. وبأعلى جاهزية للخروج، مثل شاب يتهيأ أمام المرآة لليلة زفافه. كان ذلك بعد حرب أنهكت كلينا. هي بطبعها المناكف، المقلقل، كثير الاستفزاز. وأنا بهيئتي التي تشبه ماءً ساكناً يخفي اشتعالاتٍ تضطرم أسفله. حافظتُ على رزانتي ومكري مثلما حرصَت على طبيعتها …
أكمل القراءة »قمرٌ مشبوه
هل يُعقل أن نُحبَّ أحداً دون أن نراه ؟ ليسَ السؤال الحقيقيّ هكذا، بل ما كانَ يناسبُ حالتَها سؤالٌ ملحاحٌ، يكادُ يصف فحوى القصة باستفهام فريدٍ وحيدٍ مفاده؛ هل يُعقل أن نحبّ أحداً من خلال ما يكتب؟ “بالطبع.. أجل”. هذا ما ستصرخ به “نجميَّة”، بكلِّ ما تحت السَّحاب من علوٍّ، …
أكمل القراءة »هلا أَحمد علي: تكتبُ بمهارةِ الحَكَّائينَ القدماء
في أولى أعمالها الصّادرة عن دار التكوين ( 2019 )، تبدو الدكتورة هلا علي، الأستاذة في الفلسفة، كمن يضعُ على الطاولةِ نصّاً روائياً يهزّ كل ما يحيط بهِ من نصوص، بل ويدفعها للشكّ في ذاتها وإعادة تأهيل مضامينها. “إيميسا” هو العنوان الذي اختارتهُ الكاتبة، والذي لا يخفى على أحد أنه …
أكمل القراءة »“كُلُّهُم في مَايو يَرحَلون”
فِي خيمةِ العزاءِ، فِي كُوّةِ البكاءِ وَعويلِ الفَقد. ضريرُ القريةِ يرثِي بِكرَهُ الغائِبَ، وَأُمٌّ عجوزٌ مُتفرِّدةٌ بحزنِها، مَكتومةٌ مُبهمةُ النّظراتِ، وَصَبيَّةٌ يكادُ جمالهَا يفطِرُ قلبَ القمر، تُسمِّرُ النظراتِ على مشبكِ الذّهب في كَفّهَا الأيمن. لمْ تكنْ خيمةً واحدةً، بل ما تناهى إلى مَسامعي الغارقةِ بالهذيان، وَما جرى على أَلسنةِ المُعَزِّينَ، …
أكمل القراءة »ليلى عبد الله: تُعرِّي بلادَ المخيّمات
في روايتها الأولى “دفاتر فارهو”، الصادرة عن منشورات المتوسط (2018)، تحاول الروائية العُمانية ليلى عبد الله أن تسردَ تفاصيلَ واقعٍ أغرب من الخيال، وتقريب صورةٍ مدمّاةٍ مجرد استذكارها يبعث على الشعور بالألم، ويوقظ الحسّ الإنساني الرهيف من غفلتهِ، دون أن يخلو من مهارة السرد الواقعيّ السحري بحرفيةٍ قادرةٍ على جذب …
أكمل القراءة »إيزابيل الليندي: تسبرُ أغوارَ الحبّ المُتأخِّر
في روايتهَا ( ما وراء الشتاء ) الصادرة عن دار الآداب 2018، ترجمها عن الإسبانية صالح علماني، وبكلِّ ما يستبيحُ صفحاتها من عُلوٍّ، وما يضخّهُ قلمها من رِقّةِ، تعودُ الكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي ( 1942) إلى أصل الحكاية، وبمنتهى الشفافية، تصفُ لقرائها تفاصيل جلسةٍ عائليةٍ حميمية في ليلةٍ شتائية تليق …
أكمل القراءة »حازم شحادة : عن عبقريّة القَصّ وجمالياته
عن مجموعتهِ القصصية “المبغى” الصادرة عن دار “آس” 2019، يخرجُ الشاعر والقاصّ السوريّ حازم شحادة؛ خرّيج كلية الإعلام، بنصوصٍ تتفرَّدُ بواقعيّتها وَجِدَّتِهَا وحبكاتها التي تتكشّفُ عن أحداثِ مكثّفَةٍ بأسلوبٍ مختزل يتواترُ في ذروتهِ حتى تهبط إلى نهاياتها بسلاسةٍ وروّيةٍ تنمُّ عن نغمةٍ تعزفُ موقف الكاتب حيال القضايا الكبرى التي شغلت …
أكمل القراءة »“شِيفرة النّجَاة وَالغَرَق”
مِن مساوئِ أن يَرميكَ القدرُ بين طيّاتِ أرضٍ عربيٍّةٍ؛ أن تُدركَ منذ ساعة ولادتكَ، أنَ أمامَكَ على هَذَا الكَوكَبِ أَكْثَرَ منْ طريقةٍ ملائِمةٍ للغَرقْ؛ أنْ تًستًيقظَ على سبيلِ الحال، ومَرْطَبانُ بُنِّكَ فارِغٌ، ليُصبحَ فنجان القهوة، وسيلةُ هروبكَ الوحيدةِ من هذا الكوكب، ضرباً منْ الخيال، فتَهوي نحوَ حَتْفِكَ مستسلماً، بِحذائِكَ المُمتَلئِ …
أكمل القراءة »“غي دي موباسان” في الإِبداعِ القصصَيّ
“إنّ كبار الفنانين هم الذين يفرضون أوهامهم الخاصةَ على البشر”. تلك عبارة الفرنسي “موباسان” الشهيرة؛ الكاتب الذي بدأ مشوار الحياة عادياً، وأنهاهُ باضطرابٍ وارتباكٍ أثارا جدلاً في الأوساط الأدبية أواخر القرن التاسع عشر، بعدَ أن عاصرَ أهمّ أدباء عصرهِ، وتتلمذَ على أكفِّ جهابذتهم أمثال: غوستاف فلوبير، تورغينيف وإميل زولا. وُلدَ …
أكمل القراءة »“أحلَى أيّام غرناطة”
وَكأنَّ ما كانَ ينبتُ بينَ الشّرايين قناطر إشبيليَّةٌ، وَجناتٍ هاربةً من ضلوعِ قصرِ الحمراء. وَلأنَّه كان في الأندلسِ يهيمْ، كانَا يرميانِ كتبَ التَّاريخ وراءَهُمَا، وَيَدْلُفانِ معاً، بعيداً عن كلِّ عين في مدينةٍ كانتْ ساكنةً هادئةً وادعة؛ غفلتْ عن خوائِها البصائر. تُحدِّثُهُ عن السّماء والطيرِ وصوت فيروز، فيجيبُهَا بالشعر والحبّ والقصائد. …
أكمل القراءة »