الرئيسية » نقار الخشب » وفيقة علي ..امرأة في طريق الغناء

وفيقة علي ..امرأة في طريق الغناء

كتعريف ممكن، أو واقعي لعمر الإنسان، يمكن أن نقول: إن عمر الإنسان يقوم على الحلم، والذكريات. من خلال هذا التعريف يصبح كل ما هو آت، هو حلم على المستوى الزمني والواقعي، أي أن غدا هو حلمي اليوم، بكل ما يمكن لهذا القادم الزمني (الغد) أن يحمله لي.
وأن الوقت الذي مضى من حياتي، قريبه وبعيده، أصبح ذكريات. ولا أحد يستطيع أن يثبّت الزمن، ويوقف حركته سوى الصورة، والكتابة. في هاتين الحالتين يمكن للزمن أن يتوقف، في الصورة، أو النّص، وليس في الواقع. وهذا أحد أسباب انتشار التصوير الفوتوغرافي، ومن ثم الصور المتحركة (في الأفلام وغيرها)، وقبلها كان للكتابة هذا الدور، وما زال من خلال القصص والروايات والمذكرات، إلا أن الكتّاب لم ولن يستطيعوا تدوين كل قصص وحكايات وذكريات الناس، مهما حاولوا. ثم جاء الإعلام المكتوب (الصحافة)، والمرئي (التلفزيون)، وقام بما يستطيع، أو يحتاج، رغم ذلك بقيت الكثير من التجارب الإنسانية الهامة بعيدة عن التوثيق!! من تلك التجارب قصة السيدة وفيقة علي مع الموسيقا والغناء.

وفيقة/ سيدة سورية، من مدينة اللاذقية. امرأة كأنها من برج الأمل، أو الحب، إن كان لتلك المفاهيم أبراج. طاقة خلاقة متحركة!! منذ لقائنا الأول، شعرت نتيجة دماثتها، وابتسامتها، وعدم تكلفها في الحديث، شعرت وكأنني أعرفها منذ زمن طويل، وتتالت اللقاءات، وفي كل لقاء كنت أكتشف بعدا جديدا من أبعاد شخصيتها المحببة.

منذ يومين من تاريخ كتابة هذا المقال، وصلتني دعوة كريمة منها، لحضور حفلة لكورال (شدن)، في المكتبة العمومية. ذلك الكورال التي هي أحد مؤسسيه.
على هامش تلك الأمسية الغنائية طلبت منها أن تتحدث إلي عن وفيقة. فقالت:

أنا، كما تعلم من مدينة اللاذقية، وأحب مدينتي، لا بل أتنفسها. أغني في كل خطوات نهاري. دخلت مجال التطوع منذ سنوات خلت، وكانت أجملها في مكتبة الأطفال العمومية، حيث شكلنا مجموعة تهتم بالقراءة، تحولت مستقبلا إلى صداقات، نقرأ، ونفرح، ونغني. معهم أحببت نفسي وانا أغنى، حيث كانوا يستمتعون كلما غنيت.
أحب الموسيقار عبد الوهاب، وكل ما لحن وغنى. أحاول تقليده بالغناء لأني أحب صوته، وتذهلني عربه الصوتية.

وفرت لي الحياة فرصه الغناء مع مجموعه بإشراف الأستاذ زياد مليس ٢٠١٨/ تدربنا معه على الغناء، وبدأ بتعليمنا الصولفيج، والإيقاع. أثناء ذلك حفظنا الكثير من الموشحات، والقدود، والأدوار، وإحياء المنسي منها، وما أجملها؟!
قدمنا عدة أمسيات في أماكن مختلفة. أحب نفسي أكثر وأنا أغني، وكذلك حين اقرأ، وما أمتعها تلك التجارب التي اطلع عليها من خلال قراءة الكتب. الانسان أول اهتماماتي. لا أحب خسارة أحد من أجل أي شيء، مهما كان.

كل صديق جديد هو قيمة مضافة لحياتي. اشتريت العود وسأبدأ أول دروس العزف مع الغناء. وهي أمنيه سأحققها بإذن الله. ومازلت في عملي كموظفه، وأم لثلاثة أولاد. أمشي بشكل يومي لأخفف عني تعب اليوم. وأحب الغناء مع المشي، أشعر أنه يزيد احساسي بالحرية.

نسيت أن تقول إنها تركت التدخين منذ عدة أشهر، وبذلك خسرت رفقة وفيقة حين كنا نقطع الجلسات، ونخرج للفناء من أجل التدخين.

الحقيقة هذه ليست حكاية السيدة وفيقة وحسب، إنها حكاية كل السوريين الذين ما زالوا يحاولون الحياة ما استطاعوا إليها سبيلا. وحكاية المواهب العظيمة التي لم تجد لها مراحا، وحكاية المرأة السورية، ونضالها ضد اليأس، وحكاية ما تبقى لنا من أمل.

 

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن إبراهيم الزيدي

إبراهيم الزيدي
شاعر وكاتب سوري، عضو اتحاد الكتاب العرب، كتب ونشر في العديد من الصحف والمواقع والمجلات السورية والعربية، صدر له في الشعر: كلمات بلون الحب ـ ثم ليلى، ورواية «حب تحت الأنقاض».

شاهد أيضاً

“السينما والتسامح” مهرجان تونس الدولي للفيلم الوثائقي

تنطلق الدورة العاشرة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي والدولي يوم الخامس عشر من الشهر الجاري ويستمر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *