أن تبدأ مسيرتك الأدبية بعمل روائي، وأن تكون روايتك الأولى (538) صفحة، وأن تكتبها على مدى(6) سنوات، و (3) أشهر على note الموبايل، وأن تقوم بطباعتها على نفقتك الخاصة عام (2021) وأنت من رعايا الجمهورية العربية السورية، ومقيم فيها، تلك هي المغامرة.
تعرفت على أحمد جوني من خلال “جلسة لادقانية”، تلك الجلسة التي أسسها الأستاذان الكبيران، الشاعر منذر مصري، والدكتور المترجم ثائر ديب. وهي جلسة وديّة، تنعقد كل يوم جمعة، في أحد مقاهي اللاذقية. يحضرها مجموعة من المثقفين والمثقفات، والمهتمين بالمعرفة، ومن يشاء. جلسة عفوية بدون أي تحضير، أو برنامج. مجموعة أصدقاء ” يتهرجون” كما يقال في لهجتنا الرقاوية.
فيما أبعد تبين لي أن أحمد جوني يتابع باهتمام كل الجلسات الثقافية التي تنعقد في مدينة اللاذقية، تلك الجلسات سأخصص لها مقالا ذات يوم.
أثناء ذلك قام أحمد بإهدائي روايته (هرم آغنادين)، وكتب لي الإهداء التالي: هذه الرواية. إنها بعض من غيابي، وحضور للفقدان.
علما أن أحمد ليس غائبا، ولديه قدرة فائقة على استحضار الفقد والفاقد والمفقود!!
فعجبت من ذلك الإهداء، أحمد الحاضر بوسامته، وملاحظاته الذكية والخجولة بآن، وبمداخلاته النقدية الحصيفة. كيف يكون غائبا؟!
ما زلت أتهيب قراءة تلك الرواية، حضرت أكثر من جلسة ثقافية كانت تتمحور حول قراءة “هرم آغنادين”، قراءة نقدية. وسمعت عنها الكثير من الآراء النقدية، وكلما هممت بقراءتها تخونني رغبتي.
بعد الهجرة القسرية التي تعرضت لها، وتدمير بيتي بما فيه، وضياع مكتبتي التي جمعتها خلال نصف قرن، لم يعد لدي رغبة باقتناء الكتب، لدي عدد قليل من الكتب التي أهديت لي في فترة النزوح، منها رواية هرم آغنادين، كلما نظرت إلى تلك الكتب القليلة، يتوقف نظري عند رواية أحمد، وأسرح في جرأة ذلك الشاب على كتابتها، ونشرها في كتاب. وأتذكر قول البير كامو: أنا لا أبغض العالم الذي أعيش فيه، ولكن أشعر بأنني متضامن مع الذين يتعذبون فيه. إن مهمتي ليست أن أغير العالم، فأنا لم أعط من الفضائل ما يسمح لي ببلوغ هذه الغاية، ولكنني أحاول أن أدافع عن بعض القيم التي من دونها تصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها، ويصبح الإنسان غير جدير بالاحترام.
مجلة قلم رصاص الثقافية