إنَّ “الزعبرة” و”الشوبرة” و”الهوبرة” و”الردح” هي السمات الأبرز لـ”كاركتر” فيصل القاسم الذي خلق حوله هالة من الضوء جذبت كثيرين، وهؤلاء الكثيرين معجبين بهذا النمط الذي يحاكي شيئاً في دواخلهم، لأنك غالباً إن سألت أحدهم ماذا فهم من هذا الصراخ، سيصفن قبل أن يجيبك، فهو حتى وإن كان المحتوى قد دغدغ فيه شيئاً إلا أنه في المقابل لن يتابعه على أي منبر آخر أو مع شخص أخر أو حتى مع القاسم إن هو قدمه بشيء من رزانة وتهذيب ومهنية لا يمتلك شيئاً منها، كما أنَّ الضيف الذي يمتاز بهدوء وبرودة أعصاب وغير قابل للاستفزاز سيتطلب من المذيع بذل جهداً إضافياً في محاولة استفزازه وإلا ستكون “المهاوشة” باردة وغير ممتعة للجمهور.

إذاً القيمة ليست في البرنامج الذي استنسخه القاسم عن برنامج أمريكي والذي ليس سوى أكثر من ساعة مهدورة يتابعها محبو مهارشة “الديوك”، والتي يعمل المقدم على تأجيجها، فتنة مصغرة في الاستديو، وأخرى كبيرة خارجه، لا يهم ما نتائجها، 

أية قيمة فيما يقدمه؟

لفتني تعليق أحدهم مادحاً: “أيها الإعلامي الحر الشريف”، 

إن مقابلة فيصل القاسم التي جعلت كثر يتعاطفون مع سيرته والتي لم أرَ فيها شيئاً مختلفاً عن سير كثير من الأطفال السوريين والعرب، من حيث الشقاء والعمل المبكر والفقر وغيرها من القواسم المشتركة بين ملايين الأطفال العرب، هي أشبه بعملية غسيل الأموال، المطلوب التعاطف مع سيرة لا نعرف أساساً مدى صحتها، ومهما كانت نسبة الدقة فيها، هل يبرر ذلك ما فعله ويفعله القاسم خلال عقد ونيف، تحريض وتجييش وتطييف وتفريق ودق أسافين، هل هذا هو الدور المنوط بالإعلامي؟ هل هذه مهنية؟ والله لو كان القاسم وأمثاله كانوا قد وُلدوا وعاشوا في زمن سابق لظهور وسائل الإعلام لن يكونوا أكثر من نائحات مستأجرات، ولن يكون خلفهم سوى “همج رعاع ينعقون وراء كل ناعق”

فيصل القاسم وعدنان العرعور قد يكونا أسوأ نموذجين قُدما خلال العقد الفائت، عقد الموت والخراب، وقد وُظّفا وهما بكل قواهما العقلية في مشروع فتنوي لا هدف له سوى إهلاك أكبر عدد ممكن من السوريين، وهلكوا، وقد لعبا دوراً بارزاً فيه، وهذا ما لا يحتاج إلى أدلة وإثباتات، فمن كان لديه ذاكرة سمكة ونسي، يمكنه العودة إلى اليوتيوب وينعش ذاكرته، إن كان بوسعه احتمال السموم التي تُنفث من تلك الفيديوهات، والتي كانت سبباً مباشراً أو غير مباشر في هلاك أشخاص كان خطأهم أن صدقوا هؤلاء وتأثروا بهم وبسمومهم.

إن الأسباب التي كانت وراء انتشار مسلسل “باب الحارة” مثل البوجقة والهوبرة والزعبرة والشوبرة والردح، هي ذاتها وراء انتشار نموذج فيصل القاسم، واستغرب من يقول أنه اجتهد وتعب حتى وصل، ولا نعرف أين اجتهد وأين صرف هذا الاجتهاد، وما يقدم لا ينم عن علم أو ثقافة أو وعي أو أدب أو قيم أو مبادئ، بل هو أقرب إلى ما أسماه الدكتور الراحل مصطفى محمود “دعارة بالكلمات”، فمهارشة الديكة التي يحاول

وبما أنَّ الشيء بالشيء يُذكر، سبق أن أشار الكاتب الفلسطيني أسامة فوزي، رئيس تحرير صحيفة عرب تايمز إلى سرقة فيصل القاسم مقالاً نُشر في الصحيفة المذكورة عن مسلسل باب الحارة في بداياته، ونشره القاسم في إحدى الصحف بعد تذييله باسمه، فهل يمكن أن يصدق معجبوه مثل هذا وإن قُدمت فيه الأدلة الكافية.

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

الأديب إبراهيم الخليل: الأدب في سوريا ذكوري بامتياز!

حوار: عبد الرزاق العبيو  | إبراهيم الخليل، أحد أهم الأسماء الأدبية في سورية، وُلد في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *