إن لكل عمل أو فعل نقوم به غاية، هدف، مغزى، معنى، وإلا ما قيمة ما نقوم به إن لم يقس بنتائجه والغاية منه، لذا أجدني أفكر كثيراً بغاية أشياء وأفعال كثيرة حولي، منها ما هو جوهري ومنها التافه، منها العميق وفيها السطحي، وأظل هكذا حتى يستفزني شيء ما ويستوقفني، كما حدث معي خلال تصفح اليوتيوب لتقع عيني ثم بصاقي على دكانة “المشهد” كآخر ما اتحفنا به الإعلام العربي الذي ليس إعلاماً وليس عربياً.
إن دكانة المشهد التي افتتحها الإعلامي اللبناني طوني خليفة بعد أن ترك لبنان المفلس واستقر في دولة الإمارات، واشترى لها أكثر من مليونين ونصف “زبون” على اليوتيوب، وراح يستقطب لها مياومين من كل حدب وصوب، بدت أخيراً وبعد قرابة عام ونصف من إطلاقها كـ”فسوة نسر بالجو”، وقد تساءلت كثيراً عن ذا الذي يملك مالاً كثيراً لا يحتاجه فيرميه هكذا في مشروع لا قيمة له، إلا اللهم إذا كان الهدف منه خبيثاً كوسائل إعلام كثيرة حولنا تُصرف عليها ملايين الدولارات سنوياً لا لشيء سوى نشر الفتن في مجتمعات متخلفة ما زالت تدور حول نفسها منذ ألفي عام دون أن تستطيع التخلص من أدرانها.
هي دكانة كان من المفترض أن تأتي ببضاعة جديدة أو مختلفة عن بقية الدكاكين، وإلا ما الغرض من افتتاحها أصلاً (ربما غسيل وكوي أموال، أو أدمغة)، إذا كانت ستجتر وتجتر وتجتر كل ما سبق أن عشناه وعايشناه ثم تتقيأ في وجوهنا، فيخيب أملنا نحن كمتابعين للإعلامي اللبناني بناء على معرفتنا السابقة به، لنجده اليوم أكثر حرصاً على رصيده المادي من رصيده المهني والأخلاقي، أمَّا مناسبة هذا الحديث هو “أنا الشعب” ومقدمه زياد نجيم الذي تمخط طوني فضرطه في وجوه زبائنه.
إذ أطل أخيراً عبر دكانة المشهد، المياوم زياد نجيم في فقرة أو برنامج أو شيء ما لا أدري ما هو لكن عنوانه “أنــا الشعب” هو الشعب ولست أنا بطبيعة الحال، ليطرح سؤالاً مفصلياً وهاماً وغير متوقع في أول إطلالة له طال انتظارها، وبالتالي حتماً لا يجب أن تكون إطلالة عادية وإنما يجب أن تعمل “شوووووووك”، لذا يكون العنوان وبلا خجل من نفسه لا كطبيب ولا كأستاذ جامعي بل كإنسان يتشدق بإنسانيته المفرطة في كل لقاء “من هم العلويون وماذا يريدون؟ واوووو!
هذا العنوان الذي سيدخلك إلى الرابط بحثاً عن معلومة، أو إرضاء لفضول، أو أو تعددت أسباب الضغط على الرابط والنتيجة واحدة، الوقوع على محتوى بلا أية قيمة تُذكر، فلا يكفيه أن يخرج بمحتوى مجتر ومكرور بل بمحتوى بلا إعداد مسبق وإنما مسلوق سلق ومنسوخ من “الويكيبيديا” كيفما اتفق ليقرأه علينا وفيه كثير من المغالطات والمخالطات، ربما لم يعطه طوني وقتاً ليتحضر ويُحضّر (فقط طقم وكرافة وأي كلام يا عم هو حد داري)، طبعاً بعد قراءة محتوى “الويكيبيديا” لم يخبرنا في النهاية ماذا يريدون، ربما لأن “الويكيبيديا” لم تدرج إجابة عن هذا السؤال الذي طرحه زياد نجيم ثم استرسل في القراءة ونفث سمومه وأحقاده مُدخلاً روسيا وإيران وحزب الله في صف الإمام علي، وربما نسي أنه طرحه أصلاً.
لقد أعدت مشاهدة الفيديو غير مرة باحثاً عن فائدة مرجوة عن معلومة عن قيمة؛ محاولاً معرفة الهدف من هكذا محتوى ومثل هذه العناوين، ثم نسيت المحتوى وصرت أبحث في دوافع ناشره، الهدف من نشره، سبب اختيار سوريا، العلويين، لم أجد سبباً أو هدفاً سوى الفتنة، والمستغرب أن يبث مثل هذا المحتوى من دولة الإمارات التي يقال أنها لا تقبل مجرد طرح مثل هذه الطروحات على أراضيها، باعتبار أنها بلاد التسامح والتعايش والدين الإبراهيمي! وأي مخالف لهذه القيم الإنسانية يُرحل من البلاد دون نقاش.
أعاد زياد نجيم شريط ذاكرتنا سريعاً “فلاش باك” إلى سيئ الذكر عدنان العرعور الذي كان يطل علينا من السعودية، وكأنهما درسا ذات المنهج في مدرسة واحدة، وللأسف أن كل هذه الدماء التي نغرق فيها منذ عقد ونصف، وما سبقها من فتن وآثام ودماء وحروب لم تردع من يدعون الفهم، ومن يُزعم أنهم نخب في المجتمع، أليس هناك سوى دمنا للاسترزاق منه.