رحل الفنان التشكيلي والنحات والروائي الفراتي أيمن ناصر إثر صراع مع المرض في مدينة أورفا التركية حيث يقيم منذ سنوات، ونعى فنانون وأدباء ومثقفون وأصدقاء وأقارب الفقيد الذي أحدث رحيله صدمة في أوساطهم.
رغم إعلان وفاته اليوم إلا أن أيمن ناصر لم يمت اليوم، بل مات قبل عقد حين رأى تمثال هارون الرشيد الذي نحته، ونُصب في حديقة الرشيد وسط مدينة الرَّقَّة وقد أطاحت به مطرقة جاهل يعتقد أن الناس يمكن أن يعبدوا صنماً في هذا الزمن.
مات حين دخل شذاذ الآفاق مرسمه ومحترفه ومزقوا لوحاته وحطموا منحوتاته، ولم يتركوا من ألوانه سوى الأسود، طمسوا به معالم مدينة كاملة.
مات حين أُطيح بمكتبته، ومُزقت كتبه وأُحرقت، كان يرى هولاكو في وجوه كثيرة حوله، فمات فيه الموت واستباح جسده بعد أن نخر روحه الجميلة.
مات أيمن ناصر حين اضطر أن يغادر مدينة الرَّقَّة حاملاً “لحافــه” فقط وقبلته الشمال في موسم هجرة ظنَّ أنه سيكون قصيراً ولابدَّ من عودة، إلا أنَّ لحافه تمزق وصُيّرَ رايات عديدة، وهو ينتظر في الأفق عودة لم تكن وإن في كفن.
مات حين اُعتقل نجله في تركيا وقضى سنوات في السجن ظلماً، وقد كانت فرحته كبيرة بعد الإفراج عنه قبل بضعة أشهر، وكانت تلك فرحته الأخيرة قبل أن ينطفئ القنديل.
لقد عرفت أيمن ناصر لأول مرَّة حين صدرت روايته “اللحاف” وما أثير من جدل حولها حينها في الرَّقَّة، لم أكن قد عرفته عن قرب حينها، إلا أنَّ الأمر اختلف قبل خراب الرَّقَّة الأخير ببضع سنوات إذ تعمقت معرفتنا، وقد أهداني نسخة من الرواية، كان في تلك المرحلة منشغلاً بكتابة روايته الثانية “روجين”، وقد كان هو من أطلق علي لقب “الصحفي المشاكس”، وكان يُظهر إعجابه بتلك المشاكسة وهو يبتسم، ابتسامته الجميلة التي لا تفارق وجهه.
ولد الراحل أيمن ناصر في مدينة الرقة عام 1958، وانتسب إلى نقابة الفنون الجميلة في سورية عام 1981، كما شغل منصب رئيس مجلس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في “الرقة”. بدأ بتدريس مادة النحت في معهد إعداد المدرسين منذ عام 1992 حتى 2005، كما درَّس في مركز الفنون التشكيلية منذ عام 1978 حتى 2003. وشارك في العديد من المعارض الفنية الفردية والجماعية، وله منحوتات عدة، صدر له “اللحاف” رواية، “روجين” رواية، “رهان الغيم” مجموعة قصصية.
مجلة قلم رصاص الثقافية