يبدو أننا ما زلنا في بداية موسم قتل جماعي بكل دم بارد، والذي يبدو أنَّ أحداً من الفاعلين في هذا العالم لا يريد له أن ينتهي ولن..، ولسوء الطالع كان على معظمنا أن يعايشوا فصوله الدموية مع شعور بالعجز التام، ويرزحوا تحت انفعالات نفسية وهزات ارتدادية غالباً يخلفها انفجار القنابل الغبية حولنا.
أمام هذه المشهدية قد تشعر باليأس وتفقد رغبتك بأشياء كثيرة ومنها الوجود، وتتزاحم الأسئلة في رأسك وهي تلهث خلف أجوبة شافية لها، لذا تتنقل من محطة تلفزيونية إلى أخرى فتجد نفسك محاطاً بمزيد من القنابل الغبية، تراجع قنوات اليوتيوب دون أن تجد ما يُقنع، إلا أننا في النهاية ضحايـا، منذ أن وُجدنا نحن ضحايـا، لأنفسنا، للجهل، للإعلام القذر، للجنون، للخرافة، للاستكبار، للتاريخ، للجغرافيا، للنفط، للسياسة، للاستبداد، للاستعمار، للقنابل الذكية، للقنابل الغبية، ولكل هواة القتل على هذه الأرض، لم يوفرنا أحد منهم.
يعتقد كثيرون أنَّ القنابل الغبية هي قنابل غير موجهة، وهذا صحيح للوهلة الأولى إذا ما أُخذ بالتعريف الحرفي لها، لكنك إن دققت في التفاصيل حيث يكمن الشيطان ستجد أنه غير دقيق، وأنَّ القنابل الغبية هي قنابل موجهة بشكل مباشر أو غير مباشر، والقنابل التي أقصدها هنا يُعتمد في توجيهها على “جي بي اس” سلوك القطيع، وفي انتشارها ونشرها على “عدوى القطيع” عبر وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي التي يزيد خطرها على خطر الطائرات التي تتقيأ علينا ما يرضي سادية وأحقاد مشغليها، وهذا لا يقل خطورة عن الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمه العدو في حفلات قتلنا الجماعي، بينما نستخدمه نحن في صناعة التفاهة أو العهر.
إن أُسقطت القنابل الغبية على شعوب ذكية لن تنفجر، وإن حصل ستُمتص ارتدادات انفجارها وتُصد شظاياها دون أن تترك أي أثر، أمَّا إن هي أُسقطت وسط شعب يشكل الرعاع غالبيته وتؤثر جلبة الدهماء في نخبه وتتحكم بخياراته ومساراته، فستحدث دماراً هائلاً وستخلف شظاياها جراحاً غائرة إن هي شُفيت فستظل نُدبها شاهدة على واقع أردأ أمة أخرجت للناس.
إن القنابل الغبية الحقيقية والأكثر فتكاً ليست تلك التي تلقيها علينا الطائرات، إنما هي تلك التي تعيش بيننا، ونراها في كل مكان، في الشارع، الحي، المدرسة، الجامعة، السوق، السوشيال ميديا وأحياناً في البيت، وهي قنابل موقوتة قابلة للتفجير في أية لحظة، وبالتالي يكفي أن تفجر بضع قنابل غبية وسط شعب عُمي، وتستمتع بتشظيه وتمزقه وهو يبدو كحبات ذرة تفرقع في طنجرة على النار.
إن إسقاط بضعة قنابل غبية على شعب غبي إسقاطاً حراً، ستسقطه هو الآخر سقوطاً حراً، لذا احذروا القنابل الغبية من حولكم، فغالبية من تعيشون بينهم ليسوا من الأذكياء، انظروا حولكم وسترون في أي درك صرنا..للأسف!
مجلة قلم رصاص الثقافية